M
mahlawy
1- مسألة لا يصح صوم إلا بنية
قال ابن قدامة : لا يصح صوم إلا بنية، إجماعا، فرضا كان أو تطوعا، لأنه عبادة محضة، فافتقر إلى النية، كالصلاة.
ومعنى النية: القصد، وهو اعتقاد القلب فعل شيء، وعزمه عليه، من غير تردد.
شرط النية في ليلة الصيام: قال الخرقي: ولا يجزئه صيام فرض حتى ينويه أي وقت كان من الليل.
قال ابن قدامة : اشترط أن ينويه من الليل عند أحمد ومالك، والشافعي.
فمتى خطر بقلبه في الليل أن غدا من رمضان، وأنه صائم فيه، فقد نوى.
خالف ابو حنيفة في النية بالليل : وقال أبو حنيفة: يجزئ صيام رمضان وكل صوم متعين بنية من النهار؛
لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: «من كان أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم» . متفق عليه.
وكان صوما واجبا متعينا، ولأنه غير ثابت في الذمة، فهو كالتطوع.
ورد عليه ابن قدامة قال :
ولنا، ما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لم يبيت الصيام من الليل، فلا صيام له» .
وفي لفظ ابن حزم: «من لم يجمع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له.» أخرجه النسائي، وأبو داود، والترمذي
فأما صوم عاشوراء، فلم يثبت وجوبه، فإن معاوية قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
«هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر» . متفق عليه ،
فلو كان واجبا لم يبح فطره، فإنما سمي الإمساك صياما تجوزا، بدليل قوله: " ومن كان أصبح مفطرا، فليصم بقية يومه. ولم يفرق بين المفطر بالأكل وغيره
وقد روى البخاري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلا: أن أذن في الناس «أن من كان أكل فليصم بقية يومه» .
وإمساك بقية اليوم بعد الأكل ليس بصيام شرعي، وإنما سماه صياما تجوزا.
ثم لو ثبت أنه صيام فالفرق بين ذلك وبين رمضان، أن وجوب الصيام تجدد في أثناء النهار، فأجزأته النية حين تجدد الوجوب، كمن كان صائما تطوعا، فنذر إتمام صوم بقية يومه، فإنه تجزئه نيته عند نذره، بخلاف ما إذا كان النذر متقدما،
والفرق بين التطوع والفرض من وجهين: أحدهما، أن التطوع يمكن الإتيان به في بعض النهار، بشرط عدم المفطرات في أوله، بدليل قوله - عليه السلام - في حديث عاشوراء: «فليصم بقية يومه» فإذا نوى صوم التطوع من النهار كان صائما بقية النهار دون أوله،
والفرض يكون واجبا في جميع النهار، ولا يكون صائما بغير النية.
والثاني، أن التطوع سومح في نيته من الليل تكثيرا له، فإنه قد يبدو له الصوم في النهار، فاشتراط النية في الليل يمنع ذلك، فسامح الشرع فيها، كمسامحته في ترك القيام في صلاة التطوع، وترك استقبال القبلة فيه في السفر تكثيرا له، بخلاف الفرض.
إذا ثبت هذا ففي أي جزء من الليل نوى أجزأه، وسواء فعل بعد النية ما ينافي الصوم من الأكل والشرب والجماع، أم لم يفعل.
ويجب تعيين النية في كل صوم واجب : وهو أن يعتقد أنه يصوم غدا من رمضان، أو من قضائه، أو من كفارته، أو نذره. نص عليه أحمد .
قلت .فائدة المسألة والخلاف فيها :
اذا نوى المرء صيام شهر رمضان فقد تحقق شرط النية ولا يشترط وقوعها كل ليلة من الشهر ،
ومن خطر في باله أن غدا يوما من رمضان ولم ينوي الفطر فقد تحققت النية ولا يشترط التلفظ بها .
وأما اذا نوى انسان الفطر في يوم الغد لعلة مرض أو سفر أو شيء آخر ، ثم أصبح ولم يأكل شيئا فلا يجوز الرجوع في النية واستكمال يومه صائما ،
أو بعد انقضاء مدة سفره أو شفي من مرضه ، فيجب تجديد النية في استكمال صيام الشهر .
وكذلك عند المرأة في فترة الحيض ، أن تجدد نيتها في صوم باقي رمضان .
2- مسألة: وما لا يمكن التحرز منه، كابتلاع الريق، لا يفطره،
لأن اتقاء ذلك يشق، فأشبه غبار الطريق، وغربلة الدقيق. فإن جمعه ثم ابتلعه قصدا لم يفطره؛ لأنه يصل إلى جوفه من معدته، أشبه ما إذا لم يجمعه. وفيه وجه آخر، أنه يفطره؛ لأنه أمكنه التحرز منه، أشبه ما لو قصد ابتلاع غبار الطريق.
والأول أصح؛ فإن الريق لا يفطر إذا لم يجمعه، وإن قصد ابتلاعه، فكذلك إذا جمعه، بخلاف غبار الطريق،
فإن خرج ريقه إلى ثوبه، أو بين أصابعه، أو بين شفتيه، ثم عاد فابتلعه، أو بلع ريق غيره، أفطر؛ لأنه ابتلعه من غير فمه، فأشبه ما لو بلع غيره.
والثاني، لا يفطر به؛ لأنه وصل من غير قصد، فأشبه غبار الدقيق إذا نخله.
3- مسألة : المضمضة والاستنشاق: من المباحات
إلا أنه يكره المبالغة فيهما .
فأما المضمضة لغير الطهارة؛ فإن كانت لحاجة، كغسل فمه عند الحاجة إليه ونحوه فحكمه حكم المضمضة للطهارة،
وإن كان عبثا، أو تمضمض من أجل العطش، كره.
وسئل أحمد عن الصائم يعطش فيتمضمض ثم يمجه. قال: يرش على صدره أحب إلي. فإن فعل، فوصل الماء إلى حلقه، أو ترك الماء في فيه عابثا، أو للتبرد، فالحكم فيه كالحكم في الزائد على الثلاث؛ لأنه مكروه.
يتبع ....
قال ابن قدامة : لا يصح صوم إلا بنية، إجماعا، فرضا كان أو تطوعا، لأنه عبادة محضة، فافتقر إلى النية، كالصلاة.
ومعنى النية: القصد، وهو اعتقاد القلب فعل شيء، وعزمه عليه، من غير تردد.
شرط النية في ليلة الصيام: قال الخرقي: ولا يجزئه صيام فرض حتى ينويه أي وقت كان من الليل.
قال ابن قدامة : اشترط أن ينويه من الليل عند أحمد ومالك، والشافعي.
فمتى خطر بقلبه في الليل أن غدا من رمضان، وأنه صائم فيه، فقد نوى.
خالف ابو حنيفة في النية بالليل : وقال أبو حنيفة: يجزئ صيام رمضان وكل صوم متعين بنية من النهار؛
لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: «من كان أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم» . متفق عليه.
وكان صوما واجبا متعينا، ولأنه غير ثابت في الذمة، فهو كالتطوع.
ورد عليه ابن قدامة قال :
ولنا، ما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لم يبيت الصيام من الليل، فلا صيام له» .
وفي لفظ ابن حزم: «من لم يجمع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له.» أخرجه النسائي، وأبو داود، والترمذي
فأما صوم عاشوراء، فلم يثبت وجوبه، فإن معاوية قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
«هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر» . متفق عليه ،
فلو كان واجبا لم يبح فطره، فإنما سمي الإمساك صياما تجوزا، بدليل قوله: " ومن كان أصبح مفطرا، فليصم بقية يومه. ولم يفرق بين المفطر بالأكل وغيره
وقد روى البخاري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلا: أن أذن في الناس «أن من كان أكل فليصم بقية يومه» .
وإمساك بقية اليوم بعد الأكل ليس بصيام شرعي، وإنما سماه صياما تجوزا.
ثم لو ثبت أنه صيام فالفرق بين ذلك وبين رمضان، أن وجوب الصيام تجدد في أثناء النهار، فأجزأته النية حين تجدد الوجوب، كمن كان صائما تطوعا، فنذر إتمام صوم بقية يومه، فإنه تجزئه نيته عند نذره، بخلاف ما إذا كان النذر متقدما،
والفرق بين التطوع والفرض من وجهين: أحدهما، أن التطوع يمكن الإتيان به في بعض النهار، بشرط عدم المفطرات في أوله، بدليل قوله - عليه السلام - في حديث عاشوراء: «فليصم بقية يومه» فإذا نوى صوم التطوع من النهار كان صائما بقية النهار دون أوله،
والفرض يكون واجبا في جميع النهار، ولا يكون صائما بغير النية.
والثاني، أن التطوع سومح في نيته من الليل تكثيرا له، فإنه قد يبدو له الصوم في النهار، فاشتراط النية في الليل يمنع ذلك، فسامح الشرع فيها، كمسامحته في ترك القيام في صلاة التطوع، وترك استقبال القبلة فيه في السفر تكثيرا له، بخلاف الفرض.
إذا ثبت هذا ففي أي جزء من الليل نوى أجزأه، وسواء فعل بعد النية ما ينافي الصوم من الأكل والشرب والجماع، أم لم يفعل.
ويجب تعيين النية في كل صوم واجب : وهو أن يعتقد أنه يصوم غدا من رمضان، أو من قضائه، أو من كفارته، أو نذره. نص عليه أحمد .
قلت .فائدة المسألة والخلاف فيها :
اذا نوى المرء صيام شهر رمضان فقد تحقق شرط النية ولا يشترط وقوعها كل ليلة من الشهر ،
ومن خطر في باله أن غدا يوما من رمضان ولم ينوي الفطر فقد تحققت النية ولا يشترط التلفظ بها .
وأما اذا نوى انسان الفطر في يوم الغد لعلة مرض أو سفر أو شيء آخر ، ثم أصبح ولم يأكل شيئا فلا يجوز الرجوع في النية واستكمال يومه صائما ،
أو بعد انقضاء مدة سفره أو شفي من مرضه ، فيجب تجديد النية في استكمال صيام الشهر .
وكذلك عند المرأة في فترة الحيض ، أن تجدد نيتها في صوم باقي رمضان .
2- مسألة: وما لا يمكن التحرز منه، كابتلاع الريق، لا يفطره،
لأن اتقاء ذلك يشق، فأشبه غبار الطريق، وغربلة الدقيق. فإن جمعه ثم ابتلعه قصدا لم يفطره؛ لأنه يصل إلى جوفه من معدته، أشبه ما إذا لم يجمعه. وفيه وجه آخر، أنه يفطره؛ لأنه أمكنه التحرز منه، أشبه ما لو قصد ابتلاع غبار الطريق.
والأول أصح؛ فإن الريق لا يفطر إذا لم يجمعه، وإن قصد ابتلاعه، فكذلك إذا جمعه، بخلاف غبار الطريق،
فإن خرج ريقه إلى ثوبه، أو بين أصابعه، أو بين شفتيه، ثم عاد فابتلعه، أو بلع ريق غيره، أفطر؛ لأنه ابتلعه من غير فمه، فأشبه ما لو بلع غيره.
والثاني، لا يفطر به؛ لأنه وصل من غير قصد، فأشبه غبار الدقيق إذا نخله.
3- مسألة : المضمضة والاستنشاق: من المباحات
إلا أنه يكره المبالغة فيهما .
فأما المضمضة لغير الطهارة؛ فإن كانت لحاجة، كغسل فمه عند الحاجة إليه ونحوه فحكمه حكم المضمضة للطهارة،
وإن كان عبثا، أو تمضمض من أجل العطش، كره.
وسئل أحمد عن الصائم يعطش فيتمضمض ثم يمجه. قال: يرش على صدره أحب إلي. فإن فعل، فوصل الماء إلى حلقه، أو ترك الماء في فيه عابثا، أو للتبرد، فالحكم فيه كالحكم في الزائد على الثلاث؛ لأنه مكروه.
يتبع ....