A
Admin
صفات أولياء الله
الولاية هي النصرة والاعانة والمعونة
فولي الله من كان لله نصيرا ومن انصار الله ، قال تعالى (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُوٓاْ أَنصَارَ ٱللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ لِلۡحَوَارِيِّـۧنَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ ) سورة الصف .
وأيضا فإن ولي الله هو من تولاه الله ،
قال الله عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم (وَإِن تَظَٰهَرَا عَلَيۡهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ مَوۡلَىٰهُ وَجِبۡرِيلُ ) التحريم
وقال عن المؤمنين ( ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ) البقرة
وقال تعالى ( والله ولي المؤمنين) آل عمران.
فالمؤمنين بالله وبرسله وبكتبه، ينصرون الله بايمانهم وبعملهم الصالح وجهادهم في سبيل دعوته .
والله هو وليهم يهديهم الى الحق ويوفقهم ويؤيدهم ويعينهم للعمل الصالح وينصرهم في مواقع الضعف والقتال ، وينجيهم من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة يوم القيامة .
أولياء الله وخوارق العادة :
اذن مما سبق فإن لعموم المؤمنين نصيب من الولاية ،ويكون بحسب درجة التقوى والعمل الصالح ،
لكن كثير من الناس خصّوا قوماً بعينهم بالولاية بما أظهره الله على أيديهم من خوارق العادة ، وهذا مخالف لما بيناه من صفات الولي ،
ففتنوا فيهم وبهم وسمّوا تلك الخوارق بغير تسميتها فأطلقوا عليها " كرامات " ، فالخوارق قد تجري على أيدي الفساق والسحرة والشياطين وخدام الجنّ والكهان .
فشرط الولي كما سنوضحه من أقوال الائمة في تعريف ولي الله ،أن يهدي الولي الناس لله ويقربهم اليه تعالى ،
أمّا من كان فتنة للناس فيصرفهم عن اخلاصهم لله تعالى ليقصدوه هو دون الله بطلب الاستعانة والولاية والنصرة ،فهذا ليس بوليّ الله .
الولاية والنبوة :
للنبوة علامات ودلائل وآيات ومعجزات ، لبيان صدق النبوة ، وهي مقصودة للدلالة عليها لإيصال كلمات الله ،
أما الولاية فليس لها آيات أو خوارق فهي غير محتاجة لإظهارها للناس ودليلنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم ": رُبَّ أَشْعَثَ أغبرَ مَدْفُوعٍ بالأبواب لو أَقسم على الله لَأَبَرَّهُ " رواه مسلم عن أبي هريرة
الشاهد قوله " مدفوع بالأبواب": يعني أنه ليس له جاه عند الناس، فإذا جاء إليهم يستأذن لا يأذنون له، بل يدفعونه بالباب ؛ لأنه ليس له آية عند الناس ولا وجاهة لكنه ذو منزلة عند الله ، حيث لو أقسم على الله لأبرّه، لكرمه عند الله عز وجل ومنزلته.
ولأن الولي هو التقي ، وأن التقوى في الصدور فلا يعلمها كثير من الناس لكن الله يعلمها فهو يعلم ما تخفي الصدور ، وستظهر للخلائق يوم تبلى السرائر، فما له من قوة ولا ناصر ، إلا من كان في الدنيا تقيّا .
كما لنا أيضا نهي الله تعالى عباده المؤمنين تزكيه بعضهم البعض فهو يعلم وهم لا يعلمون قال عز وجل " فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ" النجم 32 .أولياء الله، لهم البشرى في الحياة الدنيا وليس لهم الخوارق والكرامات :
قال الله عز وجل فيما خصّ به أوليائه : " لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة " يونس الآية 64 .
قال فخر الدين الرازي في تفسير " البشرى في الدنيا "
ففيه أقوال: الأول: المراد منه الرؤيا الصالحة،عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: " البشرى هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ".
وعنه عليه الصلاة والسلام: "ذهبت النبوة وبقيت المبشرات"
وعنه صلى الله عليه وسلم: " الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة»
واعلم أنا إذا حملنا قوله: هم البشرى ، على الرؤيا الصادقة فظاهر هذا النص يقتضي أن لا تحصل هذه الحالة إلا لهم والعقل أيضا يدل عليه، وذلك لأن ولي الله هو الذي يكون مستغرق القلب والروح بذكر الله، ومن كان كذلك فهو عند النوم لا يبقى في روحه إلا معرفة الله، ومن المعلوم أن معرفة الله ونور جلال الله لا يفيده إلا الحق والصدق، وأما من يكون متوزع الفكر على أحوال هذا العالم الكدر المظلم، فإنه إذا نام يبقى كذلك، فلا جرم لا اعتماد على رؤياه، فلهذا السبب قال: هم البشرى في الحياة الدنيا على سبيل الحصر والتخصيص.
القول الثاني: في تفسير البشرى، أنها عبارة عن محبة الناس له وعن ذكرهم إياه بالثناء الحسن.
عن أبي ذر قال قلت : يا رسول الله إن الرجل يعمل العمل لله ويحبه الناس
فقال: " تلك عاجل بشرى المؤمن" .
واعلم أن المباحث العقلية تقوي هذا المعنى، وذلك أن الكمال محبوب لذاته لا لغيره، وكل من اتصف بصفة من صفات الكمال، صار محبوبا لكل أحد، ولا كمال للعبد أعلى وأشرف من كونه مستغرق القلب بمعرفة الله، مستغرق اللسان بذكر الله، مستغرق الجوارح والأعضاء بعبودية الله، فإذا ظهر عليه أمر من هذا الباب، صارت الألسنة جارية بمدحه، والقلوب مجبولة على حبه، وكلما كانت هذه الصفات الشريفة أكثر، كانت هذه المحبة أقوى، وأيضا فنور معرفة الله مخدوم بالذات، ففي أي قلب حضر صار ذلك الإنسان مخدوما بالطبع ألا ترى أن البهائم والسباع قد تكون أقوى من الإنسان، ثم إنها إذا شاهدت الإنسان هابته وفرت منه وما ذاك إلا لمهابة النفس الناطقة.
والقول الثالث: في تفسير البشرى أنها عبارة عن حصول البشرى لهم عند الموت قال تعالى: تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة [فصلت: 30]،
وأما البشرى في الآخرة فسلام الملائكة عليهم كما قال تعالى: والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم [الرعد: 23، 24] وسلام الله عليهم كما قال: سلام قولا من رب رحيم [يس: 58] ويندرج في هذا الباب ما ذكره الله في هذا الكتاب الكريم من بياض وجوههم وإعطاء الصحائف بأيمانهم وما يلقون فيها من الأحوال السارة فكل ذلك من المبشرات.
والقول الرابع: أن ذلك عبارة عما بشر الله عباده المتقين في كتابه وعلى ألسنة أنبيائه من جنته وكريم ثوابه ودليله قوله: يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان [التوبة: 21] .
واعلم أن لفظ البشارة مشتق من خبر سار يظهر أثره في بشرة الوجه، فكل ما كان كذلك دخل في هذه الآية، ومجموع الأمور المذكورة مشتركة في هذه الصفة، فيكون الكل داخلا فيه فكل ما يتعلق من هذه الوجوه بالدنيا فهو داخل تحت قوله: هم البشرى في الحياة الدنيا.
يتبع ...
التعديل الأخير: