م
م/محسن
العلاقة بين العلم والدين
كثير من الشيوخ وعلماء المسلمين يرفضون وجود صراع بين العلم والدين ، بحجة أن الله يحض على التفكر والتعقل ، وأن الله قد ذكر في كتابه قوله " إنما يخشى الله من عباده العلماء ، فما الحقيقة والتحقيق ؟
الحقيقة أن أمر العلم ومسألة التفكر وعقل أسباب وآيات خلق السموات والأرض ، أنهما قضيتان ومسألتان منفصلتان ،
وأن العلم ليس بالضرورة يفضي الى الايمان بالله والدين ،
بل كثير من الناس وأهل الحضارات افتتنوا بالعلم وانكروا الدين والايمان ،
وأن قول الله في خشية العلماء منه تعالى إنما هو مقيد بالذين أوتوا العلم بالدين ، وليس المراد علم الدنيا والعلم بأسباب القوة والمخترعات والعلوم الطبيعية والهندسية .
قارون كان من أصحاب العلم :
فقد سئل قارون عما عنده من الكنوز والنعم والحظ العظيم وحقها أن يشكر الله عليها رد عليهم بقوله (إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِيٓ ) القصص 78 ،وليس هذا موقف قارون وحده بل هو حال كثير من اهل العلم والعلماء والمنتفعين بالعلم من الناس حيث قال الله عنهم (فَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلۡنَٰهُ نِعۡمَةٗ مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمِۭ بَلۡ هِيَ فِتۡنَةٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ) الزمر 49 .
العلم في قوم هود وثمود وغيرهم من الحضارت الهالكة:
التقدم في العلم يورث الكبر والاستكبار والاستغناء عن عبادة الله فما حاجتهم في دعاء الله وهم في حال الصحة والعافية والقوة والثراء والأبنية والقصور والرخاء والجاه وكثرة الأنفس والثمرات والأموال.
اسمع وتأمل قول الله فيهم في ختام سورة غافر (أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ كَانُوٓاْ أَكۡثَرَ مِنۡهُمۡ وَأَشَدَّ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ . فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَاتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ ) .
والشاهد قوله ( فرحوا بما عندهم من العلم ) فرح الكفار بما عندهم من علم الدنيا نحو قوله تعالى " يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا" الروم: 7
وعلى شاكلة هؤلاء دول الغرب (أوربا وأمريكا ) الآن ومعهم روسيا والصين واليابان وما يطلق عليهم الدول الصناعية الكبرى والمتقدمة ، حيث يكثر الالحاد والملحدين وعبدة الشياطين ،
إنما يخشى الله من عباده العلماء :
من هم العلماء الذين يخشون الله ؟عن ابن عباس، قوله: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [فاطر: 28] قال: الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير.
وقال سفيان الثوري، عن أبي حيان التميمي عن رجل قال:
كان يقال: العلماء ثلاثة : عالم بالله عالم بأمر الله ،
وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله،
وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله.
فالعالم بالله وبأمر الله : الذي يخشى الله ويعلم الحدود والفرائض.
والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله: الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض.
والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله: الذي يعلم الحدود والفرائض، ولا يخشى الله عز وجل.
صراع العلم والدين باق الى يوم القيامة
هذا من سنن الله في الأرض ، فالعلم في عدم توافق مع الدين ولا يعترف به ، حيث أن العلم قائم على المحسوسات والدين قائم على الغيبيات .فمثلا قدم العلم الكهرباء والمصابيح والصناعات الكهربية والناس يعترفون للعلم بهذا الفضل ، بالرغم من أن وجود الشمس والقمر هو أعظم شأنا واثرا في حياة البشرية إلا أنهم ينكرون الصانع والخالق ويزعمون ان الشمس والقمر من قبيل صدفة لانفجار حدث في الزمن السحيق .
وأمّا عن صراع المسجد والكنيسة ضد الفلاسفة وعلماء الفيزياء والطبيعة خاصة في العصور الوسطى فهو مجرد صراع على السلطة والحكم في الدنيا ، وإنما هو فرع متفرع من الأصل وهو الفتنة والاغترار بالعلم في النفس البشرية وان الصراع من صنع وحي الشياطين .
ليست دعوة ضد العلم
اذن هل يعني كلامنا وحديثنا اننا ضد العلم وضد تعليم المسلمين لأبنائهم ، أو دعوة لحكام المسلمين الى غلق المدارس والكليات والجامعات وكليات الهندسة والعلوم والطب والاقتصار على تعليم العلوم الشرعية الدينية ؟الجواب : بالطبع لا .
ويسأل : فهل أوضحت لنا وبالدليل ؟
الجواب : أن دعوتنا ومسألتنا وقضيتنا تماما مثل اقرار الشرع لفتن المال والنساء والأولاد ،
فالله تعالى قال ( وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ أَمۡوَالُكُمۡ وَأَوۡلَادُكُمۡ فِتۡنَةٞ ) وقال (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ مِنۡ أَزۡوَاجِكُمۡ وَأَوۡلَادِكُمۡ عَدُوّٗا لَّكُمۡ فَٱحۡذَرُوهُمۡ ) ،
ولكنه في ذات الوقت رغب في الزواج والسعي وطلب الرزق والمال ، فقال (فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ ) العنكبوت .وقال (وَءَاتُوهُم مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ ءَاتَاكُمۡ ) النور .وقال (فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ) النساء وقال ( وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَاجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةً ) الروم
وإن لم يكن لنا مال فكيف لنا ان نتصدق ونكون من المتصدقين الذين أثنى الله عليه ووعدهم الجنة ودار السلام ؟ أو كيف نقاتل في سبيل الله أعداءنا وأعداء الله ؟
وانما دعوتنا في طرح مسألة صراع العلم والدين هي للبيان والتفصيل والتحذير والعظة .