م
م/محسن
كل شيء عن عالم الجنّ
اعلم أن الجن عالم ثالث غير الملائكة والبشر، وأنهم مخلوقات عاقلة واعية مدركة، ليسوا بأعراض ولا جراثيم، وأنهم مكلفون مأمورون .
وهم ليسوا بحيوانات ولا حيّات لكنهم يستطيعون التشكل في صورها وهيئاتها .
وأن علم اليقين في الجن هو ما جاء في كتاب الله ، وأمّا ما ورد في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يمكننا القطع بها مثل ما روي عن أبي ثعلبة الخشني قال :
قال رسول الله : " الجن ثلاثة أصناف : صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حيات وكلاب وصنف يحلون ويظعنون "-
رواه الطبراني في المعجم الكبير-.
قال ابن عقيل: " إنما سمّي الجن جنّاً لاجتنانهم واستتارهم عن العيون، ومنه سمي الجنين جنيناً.
وأنهم خلقوا من مارج من نار ، خفيف الحركة يرانا ونحن لا نراه
ويستطيع الطيران وبلوغ السماء .
ويستطع أن يتمثل في صورة انسان كما تتمثل الملائكة حين تظهر للبشر .
ويستطيع أن يوحي الى البشر ويتنزل عليهم ويوسوس لهم وأن يمسهم بأذى .
وهم يرون بني آدم ولا يرونهم وأن للجن أجساد لطيفة ورؤوس وأعين وأيدي .
وهل يمكن استعانة الانس بالجن ؟ أو النكاح بينهما ؟
كل ذلك سنطرحه بالتفصيل وبالله التوفيق :
الجن خلق قبل خلق الانسان ، قال الله (وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَانَ مِن صَلۡصَالٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ . وَٱلۡجَآنَّ خَلَقۡنَاهُ مِن قَبۡلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ ) الحجر
قوله تعالى: (والجان خلقناه من قبل) أي من قبل آدم.
قوله ( من نار السموم) وفي آية أخرى قال (وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ) الرحمن .
قال الجوهري: مارج من نار، نار لا دخان لها خلق منها الجان، والسموم الريح الحارة تؤنث، يقال منه: سم يومنا فهو يوم مسموم، والجمع سمائم. قال أبو عبيدة: السموم بالنهار وقد تكون بالليل، والحرور بالليل وقد تكون بالنهار. القشيري: وسميت الريح الحارة سموما لدخولها بلطفها في مسام البدن.
وقال أبو عبيدة والحسن: المارج خلط النار، وأصله من مرج إذا اضطرب واختلط ، وعن ابن عباس أنه اللهب الذي يعلو النار فيختلط بعضه ببعض أحمر وأصفر وأخضر، ونحوه عن مجاهد.
وهذا معناه أن المادة التي خلق منها الجن هي لهب النار التي نتجت من الريح الحارة .
قال تعالى: (ولقد ذرأنا لجهنَّم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلُّ) [الأعراف: 179] .
فقد صرح - تبارك وتعالى - بأن للجن قلوباً، وأعيناً وآذاناً، وللشيطان صوتاً، لقوله تعالى: (واستفزز من استطعت منهم بصوتك) [الإسراء: 64]
والجن يرى الانسان ولا نراه :
قال تعالى (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) الأعراف .
الهاء في ( إنه ) عائدة على الشيطان. وقبيله: يعني وصنفه وجنسه الذي هو منه، واحد جمعه (قُبُلُ) وهم الجن قاله الطبري.
قلت : وقوله ( من حيث لا ترونهم ) ليس فيه اشارة لضعف قوة البصر عند الانسان فلا يرى الجن بدليل أن سليمان عليه السلام كان يراهم وإنما اشارة الى أن الجني يتبوأ مكانا يرى من خلاله البشر .
ونقل عن ابن تيمية قوله : " أنهم يرون الإنس في حال لا يراهم الانس فيها ، وليس فيه أنهم لا يراهم أحد من الانس بحال بل قد يراهم الصالحون وغير الصالحين أيضا ،لكن لا يرونهم في كل حال " .
(2) الجن خلق يعيش في الأرض وهم مكلفون مثل الانس
قال تعالى (قُلۡنَا ٱهۡبِطُواْ مِنۡهَا جَمِيعٗا فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى ) البقرة
و( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسۡجُدَ إِذۡ أَمَرۡتُكَ قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ) الأعراف
وفي سورة الجن قالوا (وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدٗا) وقال (وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَاسِطُونَ )
(ا) الجن يستمعون القرآن :
قال الله في سورة الأحقاف (وَإِذۡ صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوۡاْ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِينَ )
فالجن اذن مثل البشر يستمع القرآن قد يتأثر له وتلين جلودهم ، وقد ينصرف معرضا عنه ، وقد يستهزأ به ويسخر منه وقد يحرقه أو يمزق صفحاته .
(ب) ومن الجن دعاة لله : قال تعالى (قَالُواْ يَٰقَوۡمَنَآ إِنَّا سَمِعۡنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٖ مُّسۡتَقِيمٖ . يَاقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ )
ج- والصالحون من الجن في الجنة منعمون والكفرة منهم معذبون في نار جهنم ،
كما وعدهم الله ووقع في سورة الرحمن وقوله تعالى في الزخرف ( َلَن يَنفَعَكُمُ ٱلۡيَوۡمَ إِذ ظَّلَمۡتُمۡ أَنَّكُمۡ فِي ٱلۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ ).
(3) ابليس وذريته من الجن
الشياطين نوع من الجن وهم ذرية ابليس وقد يطلق لفظ الشياطين على كل كافر يدعو الى الكفر من البشر والجن .
قال تعالى ( إِلَّآ إِبۡلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦٓۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُۥ وَذُرِّيَّتَهُۥٓ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمۡ لَكُمۡ عَدُوُّۢ ) الكهف
صور الجن قد تكون جميلة أو دميمة ، أما الشياطين فهي قبيحة ممسوخة ملعونة قال تعالى في طلع شجرة الزقوم(إنَّها شجرةٌ تخرج في أصل الجحيم - طلعها كأنَّه رُؤُوسُ الشَّياطين) [الصافات: 64-65]
أعمار الجن
طويلة عن أعمار الانس وزعيمهم ابليس باق حتى قيام الساعة وعمره مليارات السنين وهو من جنسهم والقبيلة .
(قَالَ رَبِّ فَأَنظِرۡنِيٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ . قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِينَ . إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡوَقۡتِ ٱلۡمَعۡلُومِ )
(4) القرين من الجن
الجن يعيشون كما تعيش البشر في جماعات وأماكن في الأرض،
لكنه يوجد نفر من الجن ملازم لكل انسان ومصاحب له يوسوس له قد يكون صالحا وقد يكون فاسقا وقد يكون شيطانا .
قال الله عز وجل ( وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَانٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ . وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ . حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يَالَيۡتَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرِينُ. َلَن يَنفَعَكُمُ ٱلۡيَوۡمَ إِذ ظَّلَمۡتُمۡ أَنَّكُمۡ فِي ٱلۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ )الزخرف
وقال تعالى ( فَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ يَتَسَآءَلُونَ . قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٞ ) (يَقُولُ أَءِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُصَدِّقِينَ . أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَدِينُونَ . قَالَ هَلۡ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ . فَٱطَّلَعَ فَرَءَاهُ فِي سَوَآءِ ٱلۡجَحِيمِ )الصافات
....(يتبع )