ما الجديد

أسرار عالم الجنّ

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع م/محسن
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

كل شيء عن عالم الجنّ اعلم أن الجن عالم ثالث غير الملائكة والبشر، وأنهم مخلوقات عاقلة واعية مدركة، ليسوا بأعراض ولا جراثيم، وأنهم مكلفون مأمورون . وهم...

مزيد من الموضوعات ل م/محسن

م

م/محسن


كل شيء عن عالم الجنّ


اعلم أن الجن عالم ثالث غير الملائكة والبشر، وأنهم مخلوقات عاقلة واعية مدركة، ليسوا بأعراض ولا جراثيم، وأنهم مكلفون مأمورون .
وهم ليسوا بحيوانات ولا حيّات لكنهم يستطيعون التشكل في صورها وهيئاتها .

وأن علم اليقين في الجن هو ما جاء في كتاب الله ، وأمّا ما ورد في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يمكننا القطع بها مثل ما روي عن أبي ثعلبة الخشني قال :
قال رسول الله : " الجن ثلاثة أصناف : صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حيات وكلاب وصنف يحلون ويظعنون "-
رواه الطبراني في المعجم الكبير-.
قال ابن عقيل: " إنما سمّي الجن جنّاً لاجتنانهم واستتارهم عن العيون، ومنه سمي الجنين جنيناً.

وأنهم خلقوا من مارج من نار ، خفيف الحركة يرانا ونحن لا نراه
ويستطيع الطيران وبلوغ السماء .
ويستطع أن يتمثل في صورة انسان كما تتمثل الملائكة حين تظهر للبشر .
ويستطيع أن يوحي الى البشر ويتنزل عليهم ويوسوس لهم وأن يمسهم بأذى .

وهم يرون بني آدم ولا يرونهم وأن للجن أجساد لطيفة ورؤوس وأعين وأيدي .
وهل يمكن استعانة الانس بالجن ؟ أو النكاح بينهما ؟
كل ذلك سنطرحه بالتفصيل وبالله التوفيق :


  • (1) أصل وخلق الجن

الجن خلق قبل خلق الانسان ، قال الله (وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَانَ مِن صَلۡصَالٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ . وَٱلۡجَآنَّ ‌خَلَقۡنَاهُ ‌مِن ‌قَبۡلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ ) الحجر

قوله تعالى: (والجان خلقناه من قبل) أي من قبل آدم.
قوله ( من نار السموم) وفي آية أخرى قال (وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن ‌مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ) الرحمن .

قال الجوهري: مارج من نار، نار لا دخان لها خلق منها الجان، والسموم الريح الحارة تؤنث، يقال منه: سم يومنا فهو يوم مسموم، والجمع سمائم. قال أبو عبيدة: السموم بالنهار وقد تكون بالليل، والحرور بالليل وقد تكون بالنهار. القشيري: وسميت الريح الحارة سموما لدخولها بلطفها في مسام البدن.

وقال أبو عبيدة والحسن: المارج خلط النار، وأصله من مرج إذا اضطرب واختلط ، وعن ابن عباس أنه اللهب الذي يعلو النار فيختلط بعضه ببعض أحمر وأصفر وأخضر، ونحوه عن مجاهد.
وهذا معناه أن المادة التي خلق منها الجن هي لهب النار التي نتجت من الريح الحارة .

قال تعالى: (ولقد ذرأنا لجهنَّم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلُّ) [الأعراف: 179] .

فقد صرح - تبارك وتعالى - بأن للجن قلوباً، وأعيناً وآذاناً، وللشيطان صوتاً، لقوله تعالى: (واستفزز من استطعت منهم بصوتك) [الإسراء: 64]
والجن يرى الانسان ولا نراه :
قال تعالى (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) الأعراف .
الهاء في ( إنه ) عائدة على الشيطان. وقبيله: يعني وصنفه وجنسه الذي هو منه، واحد جمعه (قُبُلُ) وهم الجن قاله الطبري.
قلت : وقوله ( من حيث لا ترونهم ) ليس فيه اشارة لضعف قوة البصر عند الانسان فلا يرى الجن بدليل أن سليمان عليه السلام كان يراهم وإنما اشارة الى أن الجني يتبوأ مكانا يرى من خلاله البشر .
ونقل عن ابن تيمية قوله : " أنهم يرون الإنس في حال لا يراهم الانس فيها ، وليس فيه أنهم لا يراهم أحد من الانس بحال بل قد يراهم الصالحون وغير الصالحين أيضا ،لكن لا يرونهم في كل حال " .


(2) الجن خلق يعيش في الأرض وهم مكلفون مثل الانس


قال تعالى (قُلۡنَا ٱهۡبِطُواْ مِنۡهَا جَمِيعٗا فَإِمَّا ‌يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى
) البقرة
و( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسۡجُدَ ‌إِذۡ ‌أَمَرۡتُكَ قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ) الأعراف
وفي سورة الجن قالوا (وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدٗا) وقال (وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَاسِطُونَ )
(ا) الجن يستمعون القرآن :

قال الله في سورة الأحقاف (وَإِذۡ صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوۡاْ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِينَ )
فالجن اذن مثل البشر يستمع القرآن قد يتأثر له وتلين جلودهم ، وقد ينصرف معرضا عنه ، وقد يستهزأ به ويسخر منه وقد يحرقه أو يمزق صفحاته .

(ب) ومن الجن دعاة لله : قال تعالى (قَالُواْ يَٰقَوۡمَنَآ إِنَّا سَمِعۡنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٖ مُّسۡتَقِيمٖ . ‌يَاقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ )

ج- والصالحون من الجن في الجنة منعمون والكفرة منهم معذبون في نار جهنم ،
كما وعدهم الله ووقع في سورة الرحمن وقوله تعالى في الزخرف (
َلَن يَنفَعَكُمُ ٱلۡيَوۡمَ إِذ ظَّلَمۡتُمۡ أَنَّكُمۡ فِي ٱلۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ ).


(3) ابليس وذريته من الجن


الشياطين نوع من الجن وهم ذرية ابليس وقد يطلق لفظ الشياطين على كل كافر يدعو الى الكفر من البشر والجن .

قال تعالى ( إِلَّآ إِبۡلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦٓۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُۥ وَذُرِّيَّتَهُۥٓ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمۡ ‌لَكُمۡ ‌عَدُوُّۢ ) الكهف
صور الجن قد تكون جميلة أو دميمة ، أما الشياطين فهي قبيحة ممسوخة ملعونة قال تعالى في طلع شجرة الزقوم(إنَّها شجرةٌ تخرج في أصل الجحيم - طلعها كأنَّه رُؤُوسُ الشَّياطين) [الصافات: 64-65]

أعمار الجن
طويلة عن أعمار الانس وزعيمهم ابليس باق حتى قيام الساعة وعمره مليارات السنين وهو من جنسهم والقبيلة .

(قَالَ رَبِّ ‌فَأَنظِرۡنِيٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ . قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِينَ . إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡوَقۡتِ ٱلۡمَعۡلُومِ )

(4) القرين من الجن


الجن يعيشون كما تعيش البشر في جماعات وأماكن في الأرض،
لكنه يوجد نفر من الجن ملازم لكل انسان ومصاحب له يوسوس له قد يكون صالحا وقد يكون فاسقا وقد يكون شيطانا .
قال الله عز وجل ( وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَانٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ . وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ . حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يَالَيۡتَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ فَبِئۡسَ ‌ٱلۡقَرِينُ. َلَن يَنفَعَكُمُ ٱلۡيَوۡمَ إِذ ظَّلَمۡتُمۡ أَنَّكُمۡ فِي ٱلۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ )الزخرف

وقال تعالى ( فَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ يَتَسَآءَلُونَ . قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ إِنِّي كَانَ لِي ‌قَرِينٞ ) (يَقُولُ أَءِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُصَدِّقِينَ . أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَدِينُونَ . قَالَ هَلۡ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ . فَٱطَّلَعَ فَرَءَاهُ فِي سَوَآءِ ٱلۡجَحِيمِ )الصافات
....(يتبع )







 

(5) قدرات الجن وتسخيره


الجن يمكن الامساك وحبسه وتقييده قال تعالى ( وَءَاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي ٱلۡأَصۡفَادِ) ص

الجن أنواع وذو قدرات مختلفة متباينة فمنه من يصنع المحاريب والتماثيل ومنهم البناءون والغواصون ،
وقدرات الجنّ أكبر من قدرات البشر قال عفريت من الجن لسليمان
(أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيۡهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٞ ) النمل ، الجني عرض على سليمان أن يحمل عرش ملكة سبأ ويحضره له من اليمن الى الشام في عدة ساعات .

قال الله ( وَمِنَ ٱلۡجِنِّ مَن يَعۡمَلُ بَيۡنَ يَدَيۡهِ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦ وَمَن يَزِغۡ مِنۡهُمۡ عَنۡ أَمۡرِنَا نُذِقۡهُ مِنۡ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ . يَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا يَشَآءُ مِن ‌مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٖ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورٖ رَّاسِيَاتٍ )

قال تعالى ( وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ) ص

فالبناة منها يصنعون محاريب وتماثيل، والغاصة يستخرجون له الحلي من البحار، وآخرون ينحتون له جفانا وقدورا.

ومن الجن من يطير الى اعلى السماء
،
قال تعالى ( وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا ‌‌ وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) سورة الجن

يقول عز وجل مخبرا عن هؤلاء النفر من الجن : وأنا طلبنا السماء وأردناها يعني أن مردة الجن كانوا يفعلون ذلك ليستمعوا من الملائكة أخبار السماء حتى يلقوها إلى الكهنة على ما تقدم بيانه، فحرسها الله تعالى حين بعث رسوله بالشهب المحرقة، فقالت الجن حينئذ: فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا يعني بالشهاب: الكوكب المحرق، وقد تقدم بيان ذلك. ويقال: لم يكن انقضاض الكواكب إلا بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وهو آية من آياته

(6) تلاقي الجن والانس نفسيا وبدنيا


أ- ايذاء الجن للإنس في البدن.
قال الله ( وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ أَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيۡطَانُ ‌بِنُصۡبٖ وَعَذَابٍ )

وقال (فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلۡحُوتَ وَمَآ ‌أَنسَىٰنِيهُ إِلَّا ٱلشَّيۡطَٰنُ أَنۡ أَذۡكُرَهُۥ ) وقال (فَأَنسَىٰهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ ‌ذِكۡرَ ‌رَبِّهِۦ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجۡنِ بِضۡعَ سِنِينَ ) ،
اذن فالجني يستطيع ايذاء الانسي في بدنه بالمرض والتأثير على عقله وذاكرته ويصيبه بالجنون أو الصرع .

ب= المس وليس اللبس :

قال تعالى ( ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ ٱلرِّبَوٰاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي ‌يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيۡطَانُ مِنَ ٱلۡمَسِّ )

قوله تعالى: (لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس)
والمعنى أي من قبورهم، قاله المفسرن. وقال بعضهم: يجعل معه شيطان يخنقه. وقالوا كلهم: يبعث كالمجنون عقوبة له وتمقيتا عند جميع أهل المحشر.
و قال ابن عطية: وأما ألفاظ الآية فكانت تحتمل تشبيه حال القائم بحرص وجشع إلى تجارة الدنيا بقيام المجنون، لأن الطمع والرغبة تستفزه حتى تضطرب أعضاؤه، وهذا كما تقول لمسرع في مشيه يخلط في هيئة حركاته إما من فزع أو غيره: قد جن هذا!
و" يتخبطه" يتفعله من خبط يخبط، كما تقول: تملكه وتعبده. فجعل الله هذه العلامة لأكلة الربا، وذلك أنه أرباه في بطونهم فأثقلهم، فهم إذا خرجوا من قبورهم يقومون ويسقطون.

ج -حضور الجن

وقال تعالى (وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَاتِ ٱلشَّيَاطِينِ . وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن ‌يَحۡضُرُونِ )
قوله:" همزات الشياطين" قيل أنها هي سورات الغضب التي لا يملك الإنسان فيها نفسه وكأنه مجنون .
وقال ابن زيد : همزات الشياطين : خنقهم الناس .
وقوله ( يَحْضُرُونِ ) : قال ابن الجوزي : المعنى: أن يصيبوني بسوءٍ، لأن الشيطان لا يحضر ابن آدم إِلا بسوءٍ .

د- وحي الجن والشياطين :

تتنزل الشياطين على أوليائهم من الانس من الكهنة والملحدين وعبدة ابليس ، من أخبار الغيب وحجج الجدال في الكفر ونظريات الالحاد والخرافات والأكاذيب :
قال الله (هَلۡ أُنَبِّئُكُمۡ عَلَىٰ مَن ‌تَنَزَّلُ ٱلشَّيَاطِينُ . تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ . يُلۡقُونَ ٱلسَّمۡعَ وَأَكۡثَرُهُمۡ كَٰذِبُونَ ) الشعراء ، وفي سورة الأنعام قال (وَإِنَّ ٱلشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِهِمۡ ‌لِيُجَادِلُوكُمۡ ) .

هــ - نكاح الجن والانس :
لا يوجد نص صريح في كتاب الله عن امكانية وجواز حدوث التزاوج بين الجنسين ، لكن بعض العلماء يجيزه والآخر يرفضه ،
قال الماوردي : " وهذا مستنكر للعقول ؛ لتباين الجنسين ، واختلاف الطبعين ، إذ الآدمي جسماني ، والجني روحاني ، وهذا من صلصال كالفخار ، وذلك من مارج من نار ، والامتزاج مع هذا التباين مدفوع ، والتناسل مع هذا الاختلاف ممنوع " اهـ .
قلت : قد يحدث مناكحة بين الانسي والبهيمة ، لكنهما من نفس المادة وهي الطين ، وأما المناكحة بين عنصر من الطين وآخر من نار فهو مستبعد .
وأما عن دليل الذين يجوزون التزواج بين الجن والانس فهو قوله تعالى (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرۡفِ لَمۡ يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ
) ،
والطمث الجماع.

قال ضمرة : للمؤمنين منهم أزواج من الحور العين، فالإنسيات للإنس، والجنيات للجن.
وقيل: أي لم يطمث ما وهب الله للمؤمنين من الجن في الجنة من الحور العين من الجنيات جن، ولم يطمث ما وهب الله للمؤمنين من الإنس في الجنة من الحور العين من الإنسيات إنس، وذلك لأن الجن لا تطأ بنات آدم في الدنيا .
قلت : يجوز أن يأتي الجني أو الشيطان في صورة بني آدم في المنام ويحدث الوطء لكنه وطء غير حقيقي ومنه احتلام المرأة والرجل .

(7) الجن الصالح والاستعانة بهم :

اعلم أن جنس الجن والذي منه ابليس وذريته عموما هم عدو لبني آدم ، وأي شخص يظن أنه يمكن الانتفاع بأحد من الجنّ فهو واهم أو ساذج أو غرر به ، حيث لم يقع في كتاب أو سنة أو مصنف معتمد أن مسلما أو بشرا قد انتفع أو نال خيرا من أحد من الجن ، وكل ما وقع في القرآن من تعامل البشر مع الجن كان فيه أذى وشر ، قال تعالى (
وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا ) ،
فهو إما يتعلم منه السحر الذي هو أذى وشر وكفر ، أو يوسوس له ، أو يؤذيه .
وعلى غرار هذه الاستعانة المزعومة فكرة أنه يمكن تسخير الجن للأعمال الصالحة وفك السحر ،
فإن تسخير الجنّ كان أمرا خاصا وفضلا من الله جعله لواحد من رسله هو النبي سليمان عليه السلام وأنه يمكن للبشر من بعده أن يحصل له بعضا ولو بقدر اليسير من هذه القوة والقدرة على تسخير الجنّ ، هو من قبيل الدجل والخرافة فقد قال الله تعالى (قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَهَبۡ لِي مُلۡكٗا لَّا يَنۢبَغِي لِأَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِيٓ ) سورة ص ، وقاله الشيخ الشعرواي رحمه الله .

ولو كان لأحد من البشر هذه الخاصية بعد سليمان عليه السلام والانتفاع بهم لكان الأولى رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث أسلم نفر من الجنّ لما سمعوا القرآن ( قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهۦ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا
) فهؤلاء النفر من الجن المسلم لم ينتفع بهم الرسول صلى الله عليه وسلم بشيء، حتى أنهم لم يتطوعوا هم من تلقاء أنفسهم بعرض مساعدتهم أو تقديم شيئا له صلى الله عليه وسلم إن جاز الانتفاع وتحصيل الخير بهم .

فتوى منقولة من موقع اسلام ويب :
حكم الاستعانة بالجن في أعمال الخير

سؤال :
أفتى ابن عثيمين وابن باز بتحليل استخدام الجن في أعمال الخير فهل يجوز توكيل بعض سور القرآن بالجن لنحصل على ما يسمى بالحجاب لدفع الجن في حال تسلطهم على الإنس أو في حال السحر؟

الجواب :

فالذي نراه راجحا في هذه المسألة هو أن طلب المعونة من الجن محرم شرعا لأن الجن عالم من الغيب، ولما يترتب على فتح باب الاستعانة بهم في أوجه الخير من الفساد العريض، والذي رأينا كثيرا منه في بلاد المسلمين، فقد اتخذ كثير من السحرة والمشعوذين فتوى بعض أفاضل العلماء بجواز الاستعانة بالمسلم من الجن في المباحات تكأة لبسوا بها على عوام الناس وأوهموهم أن ما يفعلونه من الدجل والكهانة أمر جائز شرعا, ولو لم يكن إلّا سد ذريعة هذا الشر لكفى مقتضيا لتحريم هذا الفعل ،
فكيف وقد انضاف إليه أوجه أخرى تقضي بالمنع منها أن هذا الفعل محدث، فإن السلف رحمهم الله من الصحابة ومن بعدهم لم ينقل عنهم أنهم استخدموا هذا الطريق، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ،
فهذا النبي صلى الله عليه وسلم تمر عليه أحلك الظروف وأصعب المواقف في أحد والأحزاب، وغيرها ومع ذلك لم يعلق قلبه إلا بالله ولم يستعمل من الأسباب إلا ما كان في مقدور البشر.

وقد استدل بعض أهل العلم على منع التعامل معهم بقوله تعالى: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ {الشعراء:221،222}.
وبقوله تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الأِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ{الأنعام:128}، وبقوله: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقا ً {الجن:6}. فدلت الآية بوضوح على أن استعانة الأنسي بالجني لا تزيد الإنسي إلّا رهقا وذلًّا والعياذ بالله، ثم إن الغالب في الجن أنهم لا يخدمون الإنس إلا إذا تقربوا إليهم بأنواع من القربات المحرمة: كأن يذبح لهم، أو يكتب كلام الله تعالى بالنجاسات وغير ذلك.
تم والحمد لله رب العالمين .
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى