أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح. يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام أحد المتصفحات البديلة.
تأملات في الكتاب المسطور و المنظور
بادئ الموضوعم/محسن
تاريخ البدء
تأملات ولمحات في كتاب الله عز وجل المسطور في القرآن ، وكتابه تعالى المنظور في الكون .
عرض لمحات من الكتاب المنظور
أحببت أن أرى ماذا قال الناس في أمر...
تأملات ولمحات في كتاب الله عز وجل المسطور في القرآن ، وكتابه تعالى المنظور في الكون .
عرض لمحات من الكتاب المنظور
أحببت أن أرى ماذا قال الناس في أمر الكتاب المسطور والكتاب المنظور قبل الخوض والكتاب فيه لكني لم أجد شيئا يُذكر ، وإن كان لبعض الناس كلام حسن لكنه ليس في صلب الموضوع أو لم يكن مباشرا ،
فالحمد لله الذي يسّر لنا هذه اللمحات والوقفات من خلال خواطري.
الكتاب المسطور لا يستطيع قراءته الأميُّ ، أو المتعلم بلسان غير عربي إلا بترجمان .
أما كتابه المنظور فهو متاح للأمي والعالم ومفتوح للكافة .
فسبحان الذي يسّر على عباده معرفته ومعرفة صفاته والايمان به وبتوحيده والعلم بأوامره تعالى ونواهيه بدون .
وكتاب الله المسطور بين يدي الصحف والقراطيس ،
أما الكتاب المنظور فهو في السماء والأرض وما بينهما ،
والمنظور قسمان : قسم يراه الناس في حياتهم الدنيا ، وآخر يرونه يوم الخروج من الأجداث .
والكتاب المنظور آتي الناس على الدوام ، في حين أن الكتاب المسطور يأتيهم على فترات من الرسل .
والكتاب المسطور قديم ، أما الكتاب المنظور فهو محدث .
والكتاب المسطور يحتاج الى قراءته أو الى سماع تلاوته ، لفهمه ثم يترقى الى فقهه .
والمنظور يحتاج الى رؤية ثم يترقى الى نظر ثم تفكر وتأمل ،
وقد يصرف الله آياتهما عمن يشاء قال (سَأَصۡرِفُ عَنۡ ءَايَاتِيَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَإِن يَرَوۡاْ كُلَّ ءَايَةٖ لَّا يُؤۡمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوۡاْ سَبِيلَ ٱلرُّشۡدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلٗا وَإِن يَرَوۡاْ سَبِيلَ ٱلۡغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلٗا )
قال قتادة : سأمنعهم فهم كتابي . وقال غيره : سأصرفهم عن الإيمان بها. وقيل: سأصرفهم عن نفعها، وذلك مجازاة على تكبرهم. نظيره:" فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم".،
والآيات على هذا هي المعجزات أو الكتب المنزلة .
" و يسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله "
الشاهد قوله تعالى ( فأتوهن من حيث أمركم الله ) حيث أغنى الكتاب المنظور هنا عن آيات وكلام الكتاب المسطور فلا تجد كلمات توضح وتعين الموضع الذي هو في المرأة ويأتيه الرجل من خلاله المرأة ألا وهو قبل المرأة ،
فكيف كان أمر الله للرجال في الكتاب المنظور؟
يكون بملائمة وتوافق ذكر الرجل مع قبل المرأة ،
فعندما يغلق عليك أحد مثلا جميع منافذ الوصول إليه ، ثم يترك لك موضعا واحدا فقط فكأنه أمرك بالدخول من خلاله دون أن يتلفظ لك بكلمات الأمر ،
وكذلك كان أمر الله للرجال من أي موضع يأتون النساء ، فجعل دبر المرأة ضيقا غير ملائم لولوج العضو الذكري بل هيأه فقط للخروج منه ، وصعّب الدخول اليه ولا يصلح ولا يحدث إلا بهتك وتلف الدبر .
فسبحان الله صرف آياته بين قراءتها مسطورة وقراءتها منظورة .
والفائدة من هذه اللمحة :
اننا لسنا بحاجة ملحة ولا جلسات مطولة بين يدي شيوخ الفقه ، لسماعهم ، أو لصفحات مسطورة ومسجل عليها آراء العلماء بين محرم أو كاره أو مجيز لإتيان النساء من خلال دبرها ،
فقط علينا الامتثال لأوامر الله المنظورة وكفى بها مرشد وعاصم .
الى اللقاء في اللمحة الثانية .. والسلام عليكم ورحمة الله
علماء الكتاب المسطور قالوا : أن الآية في صيغة خبر يراد به الأمر ، فالله يأمر العباد أن ينزهوه ويسبحوه في الصباح والمساء ،
وقال بعضهم إن الله سبح نفسه ونزها قبل أن يسبحه الخلق ، وأن تسبيحه هو أعظم كما قال الله " قُلۡ أَيُّ شَيۡءٍ أَكۡبَرُ شَهَادَةٗ قُلِ ٱللَّهُ " الأنعام.
أما الكتاب المنظور فقد وقع تنزيه الله وتسبيحه حادثا كائنا مصاحبا لتلبس العباد الليل والصباح ، وإن لم يسبحه أحد ،
فبمجرد غشيان الليل الناس وتجلي الصبح وهم فيه ، فقد وقعت رجمة الله التي جعلت الليل سكنا ومن ثم فأن الله رؤوف بالعباد ،
ووقع نفع الله حين جعل الصبح مبصرا ومعاشا فالله هو الرزاق ذو القوة المتين ،
فسبحان الذي لم يمسه من لغوب في خلق السموات والأرض والليل والنهار ، والقيوم الذي لا يموت ، فحين يُمسي الخلق ويُصبحون لا يكون إلا ببقاء السماوات والأرض وأفلاكها وجريان الشمس وعدم زوالهما وامساك الله لها .
1. انصياع السماء والأرض لأمر وقول ربها
لما قال الله تعالى للسماء والأرض : ائتيا
قوله تعالى في سورة فصلت الآية رقم 11
( ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٞ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِيَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا قَالَتَآ أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ)
والشاهد قول السموات والأرض " أتينا "،
فإتيان السماء والأرض لله هو في هيئاتهما اللاتي أصبحت وصارت عليهما من سبع سموات وكواكب ونجوم وأفلاك وغازات وسحب وهواء وجبال ووديان وارض منبسطة وأنهار وآبار وأرزاق على سطحها وفي باطنها مدفونة .
ونحو تلك الآيات المسطورة في سماع السماء و الأرض قول ربها :
هو قوله تعالى ( ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتۡ وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ ٢ وَإِذَا ٱلۡأَرۡضُ مُدَّتۡ ٣ وَأَلۡقَتۡ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتۡ ٤ وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ ) الانشقاق
فتكون الآيات المنظورة يوم القيامة انشقاق السماء وانتثار الكواكب والجبال المنسوفة وخروج الناس من باطن الأرض كأنهم جراد منتشر .
2. ومثله قوله تعالى (يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم)
الله خلق النار تحرق وتأكل كل شيء لكنه أمر النار التي أعدها قومه ليحرقوه أن لا تحرق ابراهيم وتكون عليه بردا وسلاما ، فاستجابت لأمر ربها ، وكانت نارا عظيمة حتى وصفها الله بقوله ( فألقوه في الجحيم) فأكلت النار البنيان الذي أعدوه لها وتركت ابراهيم بدون أذى والذي خرج للناس ونظروا اليه بأعينهم وهو سالما معافا .
والله لم يأمر كل النار أينما كانت في الدنيا ، إنما اختص بأمره النار التي ألقي فيها ابراهيم بخرق ناموسها وصفاتها ،
ومن خرافات المفسرين والرواة قولهم : " لم ينتفع أحد يومئذ بنار " ،
وقولهم : " إن إبراهيم حين ألقي في النار، لم يكن في الأرض دابة إلا تطفئ النار، غير الوزغ، فإنه كان ينفخ على إبراهيم"، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله" .
ولنا قوله تعالى (إِنَّمَآ أَمۡرُهُۥٓ إِذَآ أَرَادَ شَيۡـًٔا أَن يَقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ) يس
ومثله قوله (فَسَخَّرۡنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجۡرِي بِأَمۡرِهِۦ رُخَآءً حَيۡثُ أَصَابَ)
فجعل الريح تستجيب لأمر سليمان عليه السلام وتجري متى وكيف يشاء .
3. ومثله انفلاق البحر في قوله تعالى لموسى عليه السلام :
(فَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡبَحۡرَۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرۡقٖ كَٱلطَّوۡدِ ٱلۡعَظِيمِ )
فكيف تفرق ماء البحر ثم تجمع بعضه فوق بعض ليصير جبال عظيمة ثم مكث لا يميع ماؤه حتى يمر بني اسرائيل ويعبرون البحر في طرق يابسة ، وهذا مثل عظيم للكتاب المنظور .
قال أهل المعاني: تستجيبون بحمده أي تستجيبون حامدين ، كما يقال: جاء بغضبه أي جاء غضبان وركب الأمير بسيفه أي وسيفه معه وقال الزمخشري : بحمده حال منهم أي حامدين، وهذا مبالغة في انقيادهم للبعث كقولك لمن تأمره بعمل يشق عليه ستأتي به وأنت حامد شاكر، أي ستنتهي إلى حالة تحمد الله وتشكره على أن اكتفي منك بذلك العمل وهذا يذكر في معرض التهديد .
ومثل تلك الآيات كثيرة في القرآن فسبحان الله العظيم والى اللقاء مع اللمحة الرابعة
ولماذا قيد الله الطعام بطعام الانسان ؟ لأن طعام الدواب والطير فقير وأصنافه قليلة ، أما طعام الانسان فكثير ومتعدد بين حبوب ولحوم وفواكه من نخيل وعنب وزيتون ورمان ، وشراب وعسل نحل ، بل يتعدى الى ما يصنعه الانسان من تلك الصنوف مثل المخبوزات والطبخات والأشربة والخمائر ،
قال تعالى(لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡ ) (فصدق الله العظيم .
حيث قال في كتابه المسطور (فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰانُ إِلَىٰ طَعَامِهِۦٓ أَنَّا صَبَبۡنَا ٱلۡمَآءَ صَبّٗا ثُمَّ شَقَقۡنَا ٱلۡأَرۡضَ شَقّٗا فَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا حَبّٗا وَعِنَبٗا وَقَضۡبٗا وَزَيۡتُونٗا وَنَخۡلٗا وَحَدَآئِقَ غُلۡبٗا وَفَٰاكِهَةٗ وَأَبّٗا ) عبس
قال ابن كثير : وقوله (فلينظر الإنسان إلى طعامه) فيه امتنان ،
وفيه استدلال بإحياء النبات من الأرض الهامدة على إحياء الأجسام بعدما كانت عظاما بالية وترابا متمزقا .
وقال القرطبي: قوله تعالى: (فلينظر الإنسان إلى طعامه) لما ذكر جل ثناؤه ابتداء خلق الإنسان ذكر ما يسر من رزقه، أي فلينظر كيف خلق الله طعامه. وهذا النظر نظر القلب بالفكر، أي ليتدبر كيف خلق الله طعامه الذي هو قوام حياته، وكيف هيأ له أسباب المعاش، ليستعد بها للمعاد .
وذهب أبيّ بن كعب وابن عباس والحسن إلى أن المراد( فلينظر إِلى طَعامِهِ ) أي إذا صار رجيعا ، ليتأمل حيث تصير عاقبة الدنيا، وعلى أي شيء يتفانى أهلها وتستدير رحاها ، ذكره ابن عطية .
قلت : وكل الأقوال حسنة ومكملة لبعضها وكلها مرادة .
قوله (أنا صببنا الماء صبا ) : يعني الغيث والأمطار. (ثم شققنا الأرض شقا): أي بالنبات (فأنبتنا فيها حبا) أي قمحا وشعيرا وسلتا وسائر ما يحصد ويدخر
(وعنبا وقضبا) القضب قال ابن عباس: هو الرطب لأنه يقضب من النخل ، ولأنه ذكر العنب قبله .
"وفاكهة" أي ما تأكله الناس من ثمار الأشجار كالتين والخوخ وغيرهما
"وأبّا " هو ما تأكله البهائم من العشب، قلت لأنه قال بعدها (متاعا لكم ولأنعامكم)
...
وكذلك قوله تعالى في سورة الواقعة ( أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون}
أفرأيتم الحرث الزرع أأنتم الذين تنبتونه وتحصلونه زرعا فيكون فيه السنبل والحب أم نحن نفعل ذلك؟ وإنما منكم البذر وشق الأرض، فإذا أقررتم بأن إخراج السنبل من الحب ليس إليكم، فكيف تنكرون إخراج الأموات من الأرض وإعادتهم؟
( لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون )
ولو نشاء لجعلنا الزرع الأخضر اليانع حطاما، أي: يابسا هشيما قبل استوائه و حصاده
{فظلتم} فأقمتم تعجبون مما نزل بزرعكم وأصله من التفكه بالحديث إذا حدث الرجل الرجل بالحديث يعجب منه، ويلهى به، فكذلك ذلك وكأن معنى الكلام: فأقمتم تتعجبون يعجب بعضكم بعضا مما نزل بكم
.. يتابع
اللمحة الخامسة : آيات التوحيد المسطورة والآيات المنظورة
(1)
قال تعالى ( وَفِيٓ أَنفُسِكُمۡ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ) في سورة الذاريات الآية 21
أي "وفي أنفسكم" آيات على التوحيد أيها الناس ، لأنها جاءت بعد قوله "وَفِي ٱلۡأَرۡضِ ءَايَاتٞ لِّلۡمُوقِنِينَ *
أي: في الأرض من الآيات الدالة على عظمة خالقها وقدرته الباهرة، مما قد ذرأ فيها من صنوف النبات والحيوانات، والمهاد والجبال، والقفار والأنهار والبحار،
واختلاف ألسنة الناس وألوانهم، وما جبلوا عليه من الإرادات والقوى، وما بينهم من التفاوت في العقول والفهوم والحركات، والسعادة والشقاوة، وما في تركيبهم من الحكم في وضع كل عضو من أعضائهم في المحل الذي هو محتاج إليه فيه؛
ولهذا قال: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} : قال قتادة: من تفكر في خلق نفسه عرف أنه إنما خلق ولينت مفاصله للعبادة.
وآيات وعبر تدلكم على وحدانية صانعكم، وأنه لا إله لكم سواه، إذ كان لا شيء يقدر على أن يخلق مثل خلقه إياكم
قوله{أفلا تبصرون} :
قلت : قد تكون حثا على النظر والتأمل ، وقد تكون استنكارا على عدم الانتفاع بهذا البصر وهذه الرؤية لأنهم بالفعل قد رأتها أعينهم .
وقيل : أفلا تبصرون ما أنتم عليه من الخطأ والضلال ؟!! في أن تجعلوا لله أنداد وشركاء .
وقيل : (وفي الأرض آيات للموقنين) أن في الأرض علامات تدل على قدرته على البعث والنشور، فمنها عود النبات بعد أن صار هشيما، ومنها أنه قدرا لأقوات فيها قواما للحيوانات، ومنها سيرهم في البلدان التي يشاهدون فيها آثار الهلاك النازل بالأمم المكذبة.
والموقنون: هم العارفون المحققون وحدانية ربهم، وصدق نبوة نبيهم، خصهم بالذكر لأنهم المنتفعون بتلك الآيات وتدبرها
(وفي أنفسكم) أي في حياتكم وموتكم، وفيما يدخل ويخرج من طعامكم.
قال الحسن: وفي الهرم بعد الشباب، والضعف بعد القوة، والشيب بعد السواد.
وقيل: المعنى وفي خلق أنفسكم من نطفة وعلقة ومضغة ولحم وعظم إلى نفخ الروح، وفي اختلاف الألسنة والألوان والصور، إلى غير ذلك من الآيات الباطنة والظاهرة، وحسبك بالقلوب وما ركز فيها من العقول، وما خصت به من أنواع المعاني والفنون، وبالألسن والنطق ومخارج الحروف والأبصار والأطراف وسائر الجوارح، وتأتيها لما خلقت له، وما سوى في الأعضاء من المفاصل للانعطاف والتثني.
...... (2)
قوله تعالى (سَنُرِيهِمۡ ءَايَٰاتِنَا فِي ٱلۡأٓفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ )
سورة فصلت الأية 53
أي: سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقا منزلا من عند الله، عز وجل، على رسوله صلى الله عليه وسلم بدلائل خارجية {في الآفاق} ، من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان.
قال مجاهد والحسن: ودلائل في أنفسهم، قالوا: وقعة بدر، وفتح مكة، ونحو ذلك من الوقائع التي حلت بهم، نصر الله فيها محمدا وصحبه، وخذل فيها الباطل وحزبه.
قال ابن عباس : علامات وحدانيتنا وقدرتنا" في الآفاق" يعني خراب منازل الأمم الخالية" وفي أنفسهم" بالبلايا والأمراض .
ويحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة، كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى. وكذلك ما هو مجبول عليه من الأخلاق المتباينة، من حسن وقبيح وبين ذلك، وما هو متصرف فيه تحت الأقدار التي لا يقدر بحوله، وقوته، وحيله، وحذره أن يجوزها، ولا يتعداها، كما أنشده ابن أبي الدنيا في كتابه "التفكر والاعتبار"، عن شيخه أبي جعفر القرشي:
وإذا نظرت تريد معتبرا … فانظر إليك ففيك معتبر …
أنت الذي يمسي ويصبح في … الدنيا وكل أموره عبر …
وقيل: المعنى/ سيرون ما أخبرهم به النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن وأخبار الغيوب" حتى يتبين لهم أنه الحق" :
فيه أربعة أوجه [أحدها] أنه القرآن. [الثاني] الإسلام جاءهم به الرسول ودعاهم إليه. [الثالث] أن ما يريهم الله ويفعل من ذلك هو الحق. [الرابع] أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو الرسول الحق."..
الى اللقاء مع اللمحة السادسة جزانا الله واياكم خيرا
التعليم المسطور (بالقلم) والتعليم المنظور والقبور
اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم
وقالت الملائكة لربها ( لا علم لنا إلا ما علمتنا )
من كمال كرمه سبحانه، بأنه علّم عباده ما لم يعلموا، ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم.
ولولا القلم والكتابة ما دونت العلوم، ولا قيدت الحكم، ولا ضبطت أخبار الأولين ومقالاتهم، ولا كتب الله المنزلة ، ولولاهما ما استقامت أمور الدين والدنيا.
ثم علمهم بالوحي والالهام ، ثم بما خلقه من الدواب والطير وغيرها
قال الله تعالى في سورة المائدة :
( فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين )
عن ابن عباس قال: جاء غراب إلى غراب ميت، فبحث عليه من التراب حتى واراه، فقال الذي قتل أخاه: {قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي}
وقيل: بعث الله غرابين فاقتتلا، فقتل أحدهما الآخر، فحفر له بمنقاره ورجليه ثم ألقاه في الحفرة، فتعلم قابيل ذلك من الغراب، وكان ابن آدم هذا أول من قتل.
وقيل: إن الغراب بحث الأرض على طعمه ليخفيه إلى وقت الحاجة إليه، لأنه من عادة الغراب فعل ذلك، فتنبه قابيل ذلك على مواراة أخيه.
وروي أن قابيل لما قتل هابيل جعله في جراب، ومشى به يحمله في عنقه مائة سنة لما قتله تركه لا يدري ما يصنع به، ثم خاف عليه السباع فحمله في جراب على ظهره سنة حتى تغير ،
فبعث الله غرابا، يبحث" معناه يفتش التراب بمنقاره ويثيره
سوأة أخيه أي جيفة أخيه
وظاهر الآية أن هابيل هو أول ميت من بني آدم، ولذلك جهلت سنة المواراة.
قال ابن عطية : بعث الله الغراب حكمة، ليرى ابن آدم كيفية المواراة، وهو معنى قوله تعالى:" ثم أماته فأقبره" ] عبس: 21] فصار فعل الغراب في المواراة سنة باقية في الخلق، فرضا على جميع الناس على الكفاية، من فعله منهم سقط فرضه عن الباقين. وأخص الناس به الأقربون الذين يلونه، ثم الجيرة، ثم سائر المسلمين .
يقول الله تعالى سأصرف عن آياتي سواء التي في الكتاب المسطور أو في الكتاب المنظور الكونية ، فكم من قارئ للقرآن لا يفقه إلا القليل ، وكم من قارئ أو مستمع للقرآن قالوا : ْ قُلُوبُنَا فِيٓ أَكِنَّةٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ وَفِيٓ ءَاذَانِنَا وَقۡرٞ وَمِنۢ بَيۡنِنَا وَبَيۡنِكَ حِجَابٞ )
وكذلك كم من قارئ للكتاب المنظور من علماء الكون لم ينفعه علمه للاهتداء الى الحق فقلبه جاحد لله متكبر .
وكم من امرئ لم يلتفت قلبه الى الآيات الكونية فلم ينفعه بصره ولا سمعه في حياته الدنيا قال تعالى فيهم
( وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٞ لَّا يَسۡمَعُونَ بِهَآ أُوْلَٰٓئِكَ كَٱلۡأَنۡعَٰامِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡغَافِلُونَ) الأعراف
فلهؤلاء الذين ذرأهم الله لجهنم من خلقه قلوب لا يتفكرون بها في آيات الله، ولا يتدبرون بها أدلته على وحدانيته، ولا يعتبرون بها حججه لرسله، فيعلموا توحيد ربهم، ويعرفوا حقيقة نبوة أنبيائهم، فوصفهم ربنا جل ثناؤه بأنهم لا يفقهون بها؛ لإعراضهم عن الحق وتركهم تدبر صحة الرشد وبطول الكفر.
وكذلك قوله: {ولهم أعين لا يبصرون بها} [الأعراف: 179] معناه: ولهم أعين لا ينظرون بها إلى آيات الله وأدلته، فيتأملوها ويتفكروا فيها، فيعلموا بها صحة ما تدعوهم إليه رسلهم، وفساد ما هم عليه مقيمون من الشرك بالله وتكذيب رسله، فوصفهم الله بتركهم إعمالها في الحق بأنهم لا يبصرون بها.
وكذلك قوله: {ولهم آذان لا يسمعون بها} آيات كتاب الله فيعتبروها ويتفكروا فيها، ولكنهم يعرضون عنها، ويقولون: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون} [فصلت: 26] وذلك نظير وصف الله إياهم في موضع آخر بقوله: {صم بكم عمي فهم لا يعقلون} [البقرة: 171]
أولئك كالأنعام والبهائم التي لا تفقه ما يقال لها ولا تفهم ما أبصرته مما يصلح وما لا يصلح ولا تعقل بقلوبها الخير من الشر فتميز بينهما، فشبههم الله بها؛ إذ كانوا لا يتذكرون ما يرون بأبصارهم من حججه، ولا يتفكرون فيما يسمعون من آي كتابه. ثم قال: {بل هم أضل} [الأعراف: 179] يقول: هؤلاء الكفرة الذين ذرأهم لجهنم أشد ذهابا عن الحق وألزم لطريق الباطل من البهائم؛ لأن البهائم لا اختيار لها ولا تمييز فتختار وتميز، وإنما هي مسخرة ومع ذلك تهرب من المضار وتطلب لأنفسها من الغذاء الأصلح. والذين وصف الله صفتهم في هذه الآية، مع ما أعطوا من الأفهام والعقول المميزة بين المصالح والمضار، تترك ما فيه صلاح دنياها وآخرتها وتطلب ما فيه مضارها، فالبهائم منها أسد وهي منها أضل، كما وصفها به ربنا جل ثناؤه
ويوم القيامة يقول الله فيهم ( كَلَّآ إِنَّهُمۡ عَن رَّبِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّمَحۡجُوبُونَ ) جزاء من جنس عملهم في الدنيا .
*** قال قتادة في تفسير قوله ( سَأَصۡرِفُ عَنۡ ءَايَاتيَ ) : سأمنعهم فهم كتابي. وقاله سفيان بن عيينة.
وقيل: سأصرفهم عن الإيمان بها.
وقيل: سأصرفهم عن نفعها، وذلك مجازاة على تكبرهم. نظيره:" فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم"،
قال القرطبي : والآيات على هذا هي المعجزات أو الكتب المنزلة .
(ا) المنع والحظر القهري
من أمثلته :
قوله تعالى ( حرمنا عليه المراضع ) أي موسى عليه السلام وهو طفل رضيع .
قال الله ( وَحَرَّمۡنَا عَلَيۡهِ ٱلۡمَرَاضِعَ مِن قَبۡلُ فَقَالَتۡ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰٓ أَهۡلِ بَيۡتٖ يَكۡفُلُونَهُۥ لَكُمۡ وَهُمۡ لَهُۥ نَٰصِحُونَ ) القصص 12
قول الله تعالى (وَحَرَّمۡنَا عَلَيۡهِ ٱلۡمَرَاضِعَ مِن قَبۡلُ) أي : ومنعنا موسى المراضع أن يرتضع منهن من قبل أمه . قال ابن عباس: لا يؤتى بمرضع فيقبلها وهذا تحريم منع لا تحريم شرع.
وكذلك قوله تعالى ( قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيۡهِمۡ أَرۡبَعِينَ سَنَةٗ يَتِيهُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ) المائدة
هذا في المنع القهري المنظور ،
قال الرازي : قوله (فإنها محرمة عليهم) الأكثرون على أنه تحريم منع لا تحريم تعبد.
ويستفاد من تحريم الله المرئي ، اسم الله تعالى (القهار) ،
وكذلك اسم الله ( الرحمن ) و(الوكيل ) حين منع أن يكون للشيطان سلطانا على عباد الله إلا الذين تولوه منهم قال تعالى ( إِنَّ عِبَادِي لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَانٞ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلٗا ) الاسراء 65
أما التحريم الشرعي فهو للتكليف والاختبار ، وأنه تعالى لا يكلف نفسا الا وسعها ولو شاء لأعنت الناس كما فعل ببني اسرائيل حين حرم عليهم شحوم البقر والغنم لكنه تعالى بالناس رؤوف رحيم .