- إنضم
- Nov 16, 2021
- المشاركات
- 777
- مستوى التفاعل
- 6
- النقاط
- 18
الغفلة عن قبول العمل

قلت : آيات في سورة البقرة عندما قرأتها وتأملتها أصابني الفزع والشفقة على رحلة طويلة في العمر في الاجتهاد في طلب الطاعات وعمل الخير والخوف من أن تكون في حكم الهباء المنثور ، حيث يقول الخليل وابنه وهم يرفعون قواعد البيت الحرام : ربنا تقبل منّا أنك أنت السميع العليم .
فإن كان خليل الله قلقا من عدم قبول العمل فما بالنا نحن ؟
روى الترمذي في سننه من حديث عائشة - رضي الله عنهما - قالت:
"سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون: 60]، قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، وَيَسْرِقُونَ؟
قَالَ: "لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ "]
وصححه الألباني
ولقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع اجتهادهم في الأعمال الصالحة يخشون أن تحبط أعمالهم، وأَلَّا تُقبَل منهم لرسوخ علمهم وعميق إيمانهم، قال عبد الله بن أبي مليكة: "أدركت ثلاثين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم يخشى النفاق على نفسه ما منهم من أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل،
وقال علي - رضي الله عنه -: "كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا لقول الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]"
أخبرنا القرآن الكريم في قصة أبناء آدم "قابيل وهابيل"، أن شجارهم تضمن عبارة إنما يتقبل الله من المتقين حيث يقول تعالى:""وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ".
والمراد في قوله: “إنما يتقبل الله من المتقين” أي ممن اتقى الله في فعله ذلك،
يقول ابن أبي حاتم في تفسيره الآية: و عن تميم يعني ابن مالك المقري قال: سمعت أبا الدرداء يقول:
لأن أستيقن أن الله قد تقبل مني صلاة واحدة أحب إلي من الدنيا وما فيها، إن الله يقول : ( إنما يتقبل الله من المتقين).
شروط قبول العمل
من الآيات الكريمة يمكننا ان تستنبط شروط قبول العمل ،أولا : الايمان .
ثانيا : أن تكون نية العمل خالصة لله وليس فيها رياء ، أو أشرك فيه غير الله .
ثالثا : أن يكون العمل عن طيب نفس ، وحماس ورغبة .
رابعا : اتقان العمل وتحسينه .
خامسا : الدعاء والتضرع الى الله أن يتقبل العمل .
قال تعالى (وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَٰاتُهُمۡ إِلَّآ أَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَارِهُونَ) التوبة 54
فلا تقبل صلاة الكسول أو بدون خشوع .
وقال ( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّآ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِـَٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغۡمِضُواْ فِيهِۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ )
فى تفسير ابن كثير: أن ابنى آدم اللذين قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، كان أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم، وأنهما أمرا أن يقربا قربانا، وأن صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها طيبة بها نفسه، وأن صاحب الحرث قرب شر حرثه غير طيبة بها نفسه، وأن الله عز وجل تقبل قربان صاحب الغنم ولم يتقبل قربان صاحب الحرث)
شروط الأُضحية وقبول العمل :
من المُستحب أن تكون الأُضحية طيبة سليمة وخالية من أي أمراض أو عيوب فلا تكون عمياء ولا عرجاء ولا عوراء، ولا مقطوعة الأُذُن أو مكسورة القرن، فلا يُصيب لحمها أي مرض أو ضرر،
كذلك من السُنّة أن تكون سَمينة غير هزيلة، ولا مُنتنة الفم، فيجب على المُضَحّي استحسان الأُضحية بدقة، واختياره للطيب منها، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا).