م/محسن
قلب المنتدى
- إنضم
- Nov 16, 2021
- المشاركات
- 353
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فراش للرجل، وفراش لامرأته، والثالث للضيف، والرابع للشيطان
حديث صحيح ورواه مسلم .
شرح الحديث :
قال القرطبي في المُفهم :وقوله صلى الله عليه وسلم دليل : على جواز اتخاذ الإنسان من الفرش والآلة ما يحتاج إليه، ويترفه به .
وهذا الحديث: إنما جاء مبينا لعائشة ما يجوز للإنسان أن يتوسع فيه، ويترفه من الفرش؛ لأن الأفضل أن يكون له فراش يختص به، ولامرأته فراش، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له إلا فراش واحد في بيت عائشة، وكان فراشا ينامان عليه في الليل، ويجلسان عليه بالنهار.
وأما فراش الضيف: فيتعين للمضيف إعداده له؛ لأنه من باب إكرامه، والقيام بحقه، ولأنه لا يتأتى له شرعا الاضطجاع ولا النوم مع المضيف وأهله على فراش واحد.
ومقصود هذا الحديث: أن الرجل إذا أراد أن يتوسع في الفرش؛ فغايته ثلاث، والرابع لا يحتاج إليه، فهو من باب السرف.
وفقه هذا الحديث: ترك الإكثار من الآلات والأمور المباحة، والترفه بها، ودليل على جواز اتخاذ الإنسان من الفرش والآلة ما يحتاج إليه، ويترفه به.
يقتصر على حاجته.
ونسبة الرابع للشيطان ، ذم له ، لكن لا يدل على تحريم اتخاذه، وإنما هذا من باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الشيطان يستحل الطعام الذي لا يذكر اسم الله عليه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه) ولا يدل ذلك على التحريم لذلك الطعام، كما تقدم. والله تعالى أعلم " انتهى .
و قالوا في هذا الشأن :
ـ إن كل كُلَّ مذمومٍ يُضافُ إلى الشيطان لأنه يرتضيهِ ويحثُّ عليه، قال تعالى: ﴿وَلَا تُبَذِّرۡ تَبۡذِيرًا إِنَّ ٱلۡمُبَذِّرِينَ كَانُوٓاْ إِخۡوَٰنَ ٱلشَّيَٰاطِينِۖ وَكَانَ ٱلشَّيۡطَٰانُ لِرَبِّهِۦ كَفُورٗا [الإسراء]،ولأنَّ الشيطان ـ لَعَنَه الله ـ لا يدعو إلَّا إلى خصلةٍ ذميمةٍ : إمَّا البخل والإمساك، فإِنْ عَصَاهُ دَعَاهُ إلى الإسراف والتبذير .
الحديث والحياة المعاصرة :
ويؤيد ذكر تخصيص فراش للزوج قوله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة " إذا باتت المرأة، هاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتى تصبح " .والشاهد قوله ( فراش زوجها ) ثم لا بد لها من فراش خاص بها تؤي اليه حين تهجر فراش زوجها .
قلت والغريب أنه رغم ما أترف فيه عموم الناس خاصة في مصر في تجهيز البيوت من أثاث وتجهيز اربع غرف وأجهزة كهربائية وسجاد وستائر فلا يوجد فيها سوى فراش مشترك للرجل والمرأة .
وقال النوويُّ في شرح فراش للرجل وفراش لامرأته :
"وأمَّا تعديدُ الفراش للزوج والزوجة فلا بأسَ به ، لأنه قد يحتاج كُلُّ واحدٍ منهما إلى فراشٍ عند المرض ونحوِه وغيرِ ذلك، واستدلَّ بعضُهم بهذا على أنه لا يَلْزَمُه النومُ مع امرأته ، وأنَّ له الانفرادَ عنها بفراشٍ ،والاستدلالُ به في هذا ضعيفٌ ، لأنَّ المرادَ بهذا وقتُ الحاجة كالمرض وغيره كما ذكَرْنا، وإِنْ كان النومُ مع الزوجة ليس واجبًا لكنَّه بدليلٍ آخَرَ،
والصوابُ في النوم مع الزوجة أنه إذا لم يكن لواحدٍ منهما عذرٌ في الانفراد فاجتماعُهما في فراشٍ واحدٍ أفضلُ، وهو ظاهرُ فعلِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الذي واظَبَ عليه مع مواظَبته صلَّى الله عليه وسلَّم على قيام الليل، فينامُ معها، فإذا أراد القيامَ لوظيفته قام وتَرَكها، فيجمع بين وظيفته وقضاءِ حقِّها المندوب وعشرتِها بالمعروف، لا سيَّما إِنْ عَرَف مِنْ حالها حِرْصَها على هذا، ثمَّ إنه لا يَلْزَمُ مِنَ النوم معها الجماعُ .
قلت تعقيبا على النووي :
القياس والتأسي بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم يكون في حال تعدد الزوجات ،
أما في حال زوجة واحدة فالأفضل تخصيص فراش خاص للرجل وآخر لزوجته كما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والخلاف بين اتباع قول الرسول وفعله معروف بين العلماء أيهم أولى بالاتباع ، مثل نهيه عن التبول واقفا وفعله في التبول واقفا ، ونهيه عن الوصال في الصوم وأنه كان يواصل .
والراجح عندي هو تخصيص فراش للزوج وآخر لامرأته عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأيضا لما علم بالاستقراء العملي فوائد لهذا التخصيص ، فقد يكون لأحدهما عادات في النوم تنفر الآخر منه ، ومشقة تجهيز الزوجة لنفسها وتجملها وتزينها كل ليلة مع واجباتها المنزلية ، وأيضا لئلا يعتاد كل واحد منهما على الآخر بسبب الاشتراك في الفراش كل ليلة فتضعف الرغبة ويقل الشوق .