- إنضم
- Nov 16, 2021
- المشاركات
- 764
سماع أهل الجنة
اعلم أن نعيم الجنة لا يقتصر على السكنى في القصور والتي تجري من تحتها الأنهار مع الحور العين ، ولا أشهى الطعام وأطيبه ولا الفواكه والشراب من لبن وعسل مصفى وخمر لذيذة ولا الوقاية من الطقس السيء من حرارة أو صقيع ،
لكن أيضا النجاة والوقاية مما يعكر الوجدان ويؤذي الأفئدة والأبدان من آلام النفس وحزنها من سماعها للكلام السيئ الذي يدمي القلوب ويفطرها من سباب وشتائم وتنمر واستهزاء ولمز وهمز .
ولا يسمعون ما يفزعهم من أصوات مخيفة كالرعد في الدنيا أو حسيس جهنم .
قال تعالى في وصف الجنة (لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما) قال مجاهد : شتما ولا مأثما .
قلت :ولا الغناء الفاحش أو الأصوات المنكرة من حيوانات وغيرها .
وفي آية أخرى قال ( لا يسمعون لغوا ولا كذابا ).
وقد قال تعالى حكاية عما كان يلاقيه رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- من قومه في الدنيا حين بعثه الله اليهم (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون) مثل قولهم : شاعر ومجنون وكاهن وساحر .
ولا يسمعون من الملائكة ذما أو لوما بل تحيتهم فيها سلام .
أو من بعضهم لبعض حيث عصم اهل الجنة من القول الخبيث فقال عنهم (وهدوا الى الطيب من القول )
[سماع أهل الجنة وما أعد الله لهم فيها]
ومن نونية ابن القيم في وصف الجنة :
قال ابن عباس ويرسل ربنا ريحا تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتا تلذ لمسمع الا نسان كالنغمات بالأوزان
يا لذة الأسماع لا تتعوضي بلذاذة الأوتار والعيدان
أو ما سمعت سماعهم فيها غنا ء الحور بالأصوات والألحان
واها لذيّاك السماع فإنه ملئت به الأذنان بالاحسان
واها لذيّاك السماع وطيبه من مثل أقمار على أغصان
واها لذيّاك السماع فكم به للقلب من طرب ومن أشجان
واها لذيّاك السماع ولم أقل ذيّاك تصغيرا له بلسان
ما ظن سامعه بصوت أطيب الـ أصوات من حور الجنان حسان
ويقول الشيخ سعيد بن مسفر : وإن سألت عن سماعهم -سماعهم أي: كيف يقضون أوقاتهم؛ لأنهم في الدنيا ليس عندهم سماع، عندهم سماع لكلام الله، سماع للعلم، سماع لخطاب الله، لكن في الجنة ليس من ذلك شيء، لا يوجد إلا سماع خاص، لا يوجد إلا طرب، ولا يوجد إلا التمتع- فغناء أزواجهم من الحور العين، وسماع الملائكة المسبحين، وأعلى من ذلك خطاب رب العالمين.
وقد ورد أنه تركب في شجر الجنة مزامير من مزامير آل داود، في كل شجرة مزماراً، ثم تهب ريحٌ من تحت العرش يقال لها: المثيرة، تهب على تلك المزامير فتعزف تلك المزامير بألحانٍ ما سمعت بمثلها الآذان، ولهذا لا تتصور -يا أخي- عندما تترك الأغاني أنك خسران، لا والله لست بخسران، الخسران الذي يغني، يسمع عواء وصياح أهل النار وهو معهم، لكن أنت إذا تركت الأغاني فإنك سوف تسمع هذا الكلام، تغني لك الحوريات وهن يقلن:
نحن الراضيات فلا نبأس نحن الخالدات فلا نبيد
طوبى لمن كنا له .
هذا هو الطرب الصحيح