ما الجديد

النجوى والتناجى

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع yasma
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

مفهوم النجوى في القرآن الكريم 1- مفهوم النجوى النجوى هى التكتم والإسرار بالكلام وإخفاؤه عن الناس سواء كان بين اثنين أو جماعة. قال اللهُ تعالى : ﴿ وَإِذْ...

مزيد من الموضوعات ل yasma

yasma

مراقب المنتدى
إنضم
Nov 16, 2021
المشاركات
3K
مستوى التفاعل
6
النقاط
38
images (20).webp

مفهوم النجوى في القرآن الكريم

1- مفهوم النجوى
النجوى هى التكتم والإسرار بالكلام وإخفاؤه عن الناس سواء كان بين اثنين أو جماعة.
قال اللهُ تعالى :

﴿ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا ﴾
الإسراء:٤٧
و النجوى قد تكون في خير، وقد تكون في مقابل ذلك في شر
قال اللهُ تعالى :

﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ﴾
النساء:١١٤
2- كلمة النجوى فى القرآن

وردت كلمة ( النجوى ) وصيغها في القرآن الكريم (١٧) مرة. والصيغ التي وردت، هي:
– الفعل الماضي
وردت مرتين
قال اللهُ تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ﴾
المجادلة:١٢
– الفعل المضارع
وردت مرتين
قال اللهُ تعالى :

﴿ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ ﴾
المجادلة:٨
– فعل الأمر
وردت مرة واحدة
قال اللهُ تعالى :

﴿ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾
المجادلة :٩
– المصدر
وردت ١١ مرة
قال اللهُ تعالى :

﴿ فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَىٰ ﴾
طه :٦٢
– اسم
وردت مرة واحدة
قال اللهُ تعالى :

﴿ فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا ﴾
يوسف :٨٠
وجاءت النجوى في القرآن بمعنى السر بين اثنين.

3- الكلمات ذات الصلة
بكلمة النجوى

– الخلوة
هي الانفراد بين المختلين من أجل الإسرار بكلام لا يحبون أن يطلع عليه أحد .
قال اللهُ تعالى :

﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾
البقرة : 14
– السر
هو اسم لما يكتم ويخفى في القلوب من العقائد والنيات والأقوال والأعمال وغيرها ، وهو خلاف الإعلان .
قال اللهُ تعالى :

﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴾
النحل: 19
– الإخفاء
هو تغييب الشيء ، وأن لا يجعل عليه علامة يهتدى إليه من جهتها، ويقابله الإبداء والإعلان .
قال اللهُ تعالى :

﴿ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ﴾
الأحزاب: 37
– الجهر
هو رفع الصوت بحيث يسمع نفسه ومن جاوره
قال اللهُ تعالى :

﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ﴾
النساء: 148
4- النهى عن النجوى
من أهم آداب الإسلام احترام الآخرين وإكرامهم ، وعدم الإساءة لهم وإيقاع الشك والحزن في نفوسهم ، ومن مقتضى هذا الاحترام والإكرام ألا يتناجى اثنان دون الثالث بغير إذنه إلا لحاجة ضرورية ، والتناجي هو التحدث سرّاً بصوت منخفض وغير مسموع أو التحدث بلغة غير مفهومة لدى الشخص الثالث ، فإن حصل التناجي وكان في الخير فهو مكروه وإن كان في الشر فهو حرام وإذا احتاج الإنسان لمناجاة غيره سرّاً في أمر خاص وجب عليه أن يستأذن الحاضرين معه بأسلوب لطيف لبق.
قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ ﴾
المجادلة :8
نزلت في قوم من اليهود والمنافقين نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التناجي بحضرة المؤمنين فلم ينتهوا فنزلت هذه الآية .

5- أنواع النجوى
انواع النجـوى ثلاثة ، هى….
1- النجوى التي هي خير
قال الله تعالى:

( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ )
النساء: 114
لا نفع في كثير من كلام الناس سرّاً فيما بينهم، إلا إذا كان حديثًا داعيًا إلى بذل المعروف من الصدقة، أو الكلمة الطيبة، أو التوفيق بين الناس .
2- النجوى التي هي شر
وهي من الغش والخديعة والمكروالتخطيط.. والحاق الأذى بالغير
قال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )
المجادلة: 9
يا أيها الذين آمَنُوا، إذا تحدثتم فيما بينكم سرًا، فلا تتحدثوا بما فيه إثم من القول، أو بما هو عدوان على غيركم .
3- النجوى التي هي من الشيطان
وهي الوسوسة ، يذكرك بها بمآسيك ومشاكلك وهمومك وكل ما يكدر خاطرك ليسبب لك الحزن والكآبة والأحباط .. فيقعدك عن العمل والمثابرة ..
قال الله تعالى:

( إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئًا إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّه فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )
المجادله : 10
6 – المتناجين
في

القرآن الكريم
ذكر القرآن الكريم عدد من الذين يصدر عنهم النجوى في آياتة ، منهم
أ – النجوى التي من الله
قال الله تعالى:

( وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا )
مريم 52
ونادينا موسى من ناحية جبل طورالذي يلي يمين موسى حين أقبل من مدين وقرَّبناه فشرَّفناه بمناجاتنا له بأن أسمعناه كلام من قبلنا .
قال الله تعالى:

( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا )
النساء 164
أنه سبحانه كلم نبيه موسى -عليه السلام- حقيقة بلا وساطة
قال الله تعالى:

( قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ )
الأعراف 144-145
قال الله يا موسى: إني اخترتك على الناس برسالاتي إلى خلقي الذين أرسلتك إليهم وبكلامي إياك مِن غير وساطة، فخذ ما أعطيتك مِن أمري ونهيي، وتمسَّك به، واعمل به، وكن من الشاكرين لله تعالى على ما آتاك من رسالته، وخصَّك بكلامه.
ب – النجوى بين يدي رسول الله
قال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )
المجادلة 12-13
يختلف إلى رسول الله أعداد كبيرة من الناس يسألونه في أمور دينهم ويستفتونه في ما يعترض حياتهم ، والبعض منهم يتضمن حديثه ذكرٌ لأخٍ له أو زوج أو جار ونحو ذلك ، وقد يعتري حديثه الزلل والغيبة أو ذكر الغائب بالسوء أو البهتان ، ولما كان النبي طرفا في ذلك الحديث فقد أمر الله المناجي بالصدقة تكفيراً عما قد يكون بدر من المناجي من قول ظالم أو اتهام أو إساءة أو قول مكروه بمن ناجى النبي بشأنه. فإن لم تجدوا ما تتصدقون به فلا حرج عليكم؛ فإن الله غفور لعباده المؤمنين، رحيم بهم.
ج – النجوى التي من الشيطان
قال الله تعالى:

( إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ )
المجادلة 10
إنما التحدث خفية بالإثم والعدوان من وسوسة الشيطان، فهو المزيِّن لها، والحامل عليها .
د – تناجى الكافرين
قال الله تعالى:

( فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَىٰ . قَالُوا إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ. فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَىٰ )
طه ٦٢-٦٤
فتجاذب السحرة أمرهم بينهم وتحادثوا سرًا، قالوا: إن موسى وهارون ساحران يريدان أن يخرجاكم من بلادكم بسحرهما، ويذهبا بطريقة السحر العظيمة التي أنتم عليها، فأحكموا كيدكم، واعزموا عليه من غير اختلاف بينكم، ثم ائتوا صفًا واحدًا، وألقوا ما في أيديكم مرة واحدة؛ لتَبْهَروا الأبصار، وتغلبوا سحر موسى وأخيه، وقد ظفر بحاجته اليوم مَن علا على صاحبه، فغلبه وقهره.
ر- تناجى المشركين فى مكة
قال الله تعالى:

﴿ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا ﴾
الاسراء 47
إذ يستمعون إليك، ومقاصدهم سيئة، فليس استماعهم لأجل الاسترشاد وقَبول الحق، ونعلم تَناجيهم حين يقولون: ما تتبعون إلا رجلا أصابه السحر فاختلط عقله.
و- تناجى المنافقين
إبتدع المنافقون ( النجوى ) أى الأحاديث السرية التى لا تخلو من تآمر . وإنخدع بهذا بعض المؤمنين . جاءهم النهى كثيرا فلم يطيعوا ، وظلوا سادرين فى تناجيهم الشيطانى بالإثم والعدوان .
قال الله تعالى:

( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ )
المجادلة 8
7- إحاطة علم الله بالنجوى
أولًا – علم الله بأحوال المتناجين
الله تعالى مطلع على خلقه، لا يغيب عنه من أمورهم شيء ، ليستدل بذلك على علمه بأي متناج وبأي نجوى، مهما أسرها أصحابها، ومهما أخفوها عن غيرهم، ومهما قل عددهم أو كثر، فهو معهم يعلم سرهم ونجواهم .
قال الله تعالى:

( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )
المجادلة : 7
ألم تعلم أن الله تعالى يعلم كل شيء في السموات والأرض؟ ما يتناجى ثلاثة مِن خلقه بحديث سرٍّ إلا هو رابعهم بعلمه وإحاطته، ولا خمسة إلا هو سادسهم، ولا أقلُّ من هذه الأعداد المذكورة ولا أكثرُ منها إلا هو معهم بعلمه في أيِّ مكان كانوا، لا يخفى عليه شيء من أمرهم، ثم يخبرهم تعالى يوم القيامة بما عملوا من خير وشر ويجازيهم عليه. إن الله بكل شيء عليم.
قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾
التوبة:٧٨
ألم يعلم هؤلاء المنافقون أن الله يعلم ما يخفونه في أنفسهم وما يتحدثون به في مجالسهم من الكيد والمكر، وأن الله علام الغيوب؟ فسيجازيهم على أعمالهم التي أحصاها عليهم.
قال الله تعالى:

﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾
الأنعام :٥٩
بل إن الله سبحانه يعلم أكبر من ذلك، وعلى علم بما يخفى عن غيره، فهو تعالى يعلم ما في السماوات وكل ما في الأرض بأدق تفاصيله .
قال الله تعالى:

﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴾
النساء :١٠٨
ولعل الكفار الذين لا يؤمنون بالله عز وجل ولا بأسمائه ولا بصفاته قد ظنوا أن الله تعالى لا يعلم سرهم ونجواهم، فهم يخفون أسرارهم عن غيرهم من البشر، ويعتقدون أن لا أحد غيرهم يعلم بأمرهم وسرهم
قال الله تعالى:

﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾
الزخرف:٨٠
أم يظن هؤلاء المشركون بالله أنَّا لا نسمع ما يسرونه في أنفسهم، ويتناجون به بينهم؟ بلى نسمع ونعلم، ورسلنا الملائكة الكرام الحفظة يكتبون عليهم كل ما عملوا.
قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾
المجادلة:٨
وجلى الله هذا العلم ـ علمه الواسع ـ حينما فضح من عادوا إلى التناجي بعد أن نهوا عنه وهم اليهود والمنافقون، وبين أنواع تناجيهم، فوبخهم على تعمد ذلك، وذمهم لرجوعهم إليه، مما يوضح شدة تمردهم وطغيانهم، وإلحاحهم على التناجي، رغم أن الله قد بين لهم أنه يعلم سرهم ونجواهم.
ثانيًا – علم الله بمقاصد الشيطان من النجوى
لم يترك الله تعالى أمر النجوى يمر دون أن يذكر ما للشيطان من يد في واقع المتناجين، وما له من تأثير على مشاعر المؤمنين، موضحًا مقصده من أز المنافقين والكفار إلى التناجي، وإن كان المؤمنون وغيرهم لا يعلمون أن الشيطان بوسوسته كان وراء فعل الكافر، وأيضا كان وراء ما حدث للمؤمن من تأثر بفعل نجواهم، وهذا ما بينه الله عز وجل .
قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾
المجادلة :١٠
لذلك فإن إخبار الله تعالى بأحوال المتناجين، وبيانه لمقصد الشيطان من تناجي المتناجين، وما وقع في قلب المؤمنين من الحزن؛ ليعد دليلًا واضحًا على سعة علمه، وإحاطته بكل شيء ولو كان في كوامن القلوب.
ثالثًا – علم الله بما يشعر به المؤمنون عند تناجي المتناجين
لقد أخبر الله عز وجل عن تسبب الشيطان في حصول النجوى بتزيين شأنها، وتهوين أمرها، ولم يكتف بذلك إنما تعداه بذكره تعالى لما تحدثه تلك النجوى في قلوب المؤمنين.
قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾
المجادلة :١٠
فشعور المؤمن بالحزن من تناجي المتناجين قد علمه الله، وإن حاول المؤمن إخفاءه، ولم يستطع أحد إدراكه والتحقق من وقوعه؛ لأنه يتعلق بالشعور الذي مكمنه في القلب، لكن الله علمه فبينه ووضحه وجلاه، وأعطى الاطمئنان لمن وقع في قلبه.
 
السؤاimages (21).webpل

ما ضابط التناجي المنهي عنه شرعًا؟ وهل الكلام الخاص مع شخصٍ ما في حضور ثالث يُعدُّ من التناجي الممنوع؟

حث الشرع على مراعاة مشاعر الآخرين وعدم إلحاق الأذى بالغير

مِن المقرَّر أن المحافظة على ترك ما يؤذي الإنسان ويُحزِنه مطلوبة شرعًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والنسائي في "السنن".

فهذا الحديث أصلٌ عامٌّ في تقرير وجوب ابتعاد الإنسان عن الأمور التي قد تؤذي غيره، ويندرج تحتها " التناجي أو النجوى"، وذلك بالكلام الخفيُّ الذي يناجِي به المرء صاحبه كأنه يرفعُه عن غيرِه، كما في "تاج العروس" لمرتضى الزبِيدي (40/ 29-31، ط. دار الهداية)، ويظهر تأذي الغير خاصة إذا كان الحاضرون ثلاثة من قصر الكلام الخاص على اثنين منهم بأحد معنيين: "أحدهما: أنه ربَّما يتوهم أن نجواهما إنما هو لتبييت رأي فيه أو دسيس غائلة له، والمعنى الآخر: أن ذلك من أجل الاختصاص بالكرامة وهو محزِنٌ صاحبه" كما قاله أبو سليمان الخطابي في "معالم السنن" (4/ 117، ط. المطبعة العلمية).

ولذا فقد جاء النهي عن هذا الفعل، فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما، فإن ذلك يُحزِنه» متفقٌ عليه، ووجه الدلالة مِنه: أن هذا النَّهي ظاهِرٌ في التحريم، بدليل ترتُّب التعليل -وهو الإحزان- عليه بالفاء، كما في "دليل الفالحين" لابن علَّان الصدِّيقي (8/ 438، ط. دار المعرفة).

والأصل في التناجي: الكراهة والقُبح، كالمكر والخديعة، إذا لم يُقصد به أمرٌ حسن في الشرع، وقد بيَّن الله عزَّ وجلَّ أن النجوى لا تحسنُ إلا في وجوه مستثناة، فقال تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114].

وقال سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [المجادلة: 9].

قال ابنُ عطية الأندلسي في "تفسيره" (5/ 277، ط. دار الكتب العلمية): [وصَّى الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بأن لا يكون لهم تناجٍ في مكروه، وذلك عام في جميع الناس إلى يوم القيامة، وخصَّ الإثم بالذكر لعمومه، والعدوان لعظمته في نفسه، إذ هي ظلاماتُ العباد، وكذلك معصية الرسول ذكرها؛ طعنًا على المنافقين؛ إذ كان تناجيهم في ذلك] اهـ.

ضابط التناجي المنهي عنه شرعًا

يتحصل من هذه المعاني أن ضابط التناجي المنهي عنه شرعًا -وهو المسؤول عنه- يتحقق بجملةٍ من الأمور:

أولًا: أن يترك المتناجِيان واحِدًا منهم، ولو كانوا جماعة، فلو أبقوا أكثرَ مِن واحدٍ فلا مانِع اتفاقًا، فيجوز تناجي اثنين دون اثنين أو جماعة؛ لأن الثالث قد شاركه الباقون فيما يُستر عنه مِن الحديث، فيزول عنه سوء الظن، والحُكم يدور مع عِلَّته وجودًا وعدمًا، كما أفاده الإمام ابنُ بطال في "شرح صحيح البخاري" (9/ 64، ط. مكتبة الرشد).

فقد جاء في "موطأ الإمام مالك" عن عبد الله بن دينار، قال: كنتُ أنا وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق، فجاء رجلٌ يريد أن يناجيه، وليس مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أحدٌ غيري، وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه، فدعا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رجلًا آخر حتى كنا أربعة، فقال لي وللرجل الذي دعاه: استأخِرَا شيئًا، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لا يَتَنَاجى اثنان دون واحدٍ».

ثانيًا: أن تقلَّ الجماعة الحاضرة في مكان المحادثة، فإذا كان التناجي بحضرة جماعة كثيرة لم يُمنع؛ لأن ذلك أنفى للتهمة والرِّيبة؛ وذلك لما ورد في حديث جابرٍ رضي الله عنه أنه لما رأى برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جوعًا شديدًا في غزوة الخندق ذهب إلى زوجته، ثم قال: فجِئتُه فسارَرْتُه، فقلت: يا رسول الله، إنَّا قد ذبحنا بُهَيْمَةً لنا، وطحنَّا صاعًا من شعير كان عندنا، فتعال أنت في نفر معك. متفقٌ عليه.

ثالثًا: أن يكون التناجي بينهما بغير إذنٍ من بقيَّة الحاضرين سواء كان واحدًا منفردًا أو أكثر، فإن أذِن المنفرد أو الباقي في التناجي دونه أو دونهم: زال المانِع؛ لكون الحقِّ له، فإن أسقطه سقط، ولا يكون بذلك من التناجي المنهي عنه، كما في "الفواكه الدواني" للنفراوي (2/ 328، ط. دار الفكر).

والأصلُ فيه: ما أخرجه أحمد في "المسند" عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا تَنَاجى اثنان فلا تجلِسْ إليهما حتى تستأذِنَهما».

رابعًا: ألَّا يكون الثالثُ هو الداخِل على المتناجَيين في حال حديثهما وكلامهما سِرًّا، فلو تكلم اثنان في السِّر ابتداء، ثم أتى ثالثٌ ليستمع إليهما، فلا يجوز ما لم يُؤذن له، كما لو لم يكن حاضِرًا معهما أصلًا، كما في "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني (11/ 84، ط. دار المعرفة).

ويدلُّ على هذا: ما أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" عن سعيد المقبري، قال: مررت على ابن عمر، ومعه رجل يتحدث، فقمتُ إليهما، فلَطَمَ في صدري فقال: إذا وجدت اثنين يتحدَّثان فلا تقم معهما، ولا تجلس معهما، حتى تستأذنهما، فقلت: أصلحك الله يا أبا عبد الرحمن، إنما رجوتُ أن أسمع منكما خيرًا.

خامسًا: أن يخشى المتناجيان أن يظن ثالثُهما أنهما يتحدثان في أمرٍ يكرهه، أو كان لا يعرِفُهما ولا يثق بهما، فيكون التناجي في هذه الحالة حرامًا، فإن أمِنَا من ظنِّه ذلك كُرِه تناجيهما؛ لأنه يغمُّ المنفرد مِن حيث الجملة، كما في "البيان والتحصيل" للإمام ابن رشد الجد (18/ 227، ط. دار الغرب الإسلامي).

الخلاصة

بناء على ذلك: فلا مانع شرعًا مِن الكلام الخاصِّ مع شخصٍ في حضور ثالث، ولا يُعدُّ هذا من التناجي الممنوع إذا رُوعِيت الضوابط السَّابِقة، بأن يكون هذا الثالث على معرفةٍ وثقة بالمتناجِيَين، وأن يأذن لهما في هذا الحديث الخاص بينهما دونه، وألا يكون هو الداخلَ عليهما حال حديثهما سِرًّا.

دار الافتاء المصريه
 
عودة
أعلى