yasma
مراقب المنتدى
- إنضم
- Nov 16, 2021
- المشاركات
- 3K
- مستوى التفاعل
- 6
- النقاط
- 38

عَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عَنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى يُقبَضَ العِلمُ، وتَكثُرَ الزَّلازِلُ، ويَتَقارَبَ الزَّمانُ، وتَظهَرَ الفِتَنُ، ويَكثُرَ الهَرْجُ -وهو القَتْلُ القَتْلُ- حَتَّى يَكثُرَ فيكم الْمالُ فيَفيضَ ))
.
ولِلعُلَماءِ أقوالٌ في الْمُرادِ بتَقارُبِ الزَّمانِ؛ مِنها:
1- أنَّ الْمُرادَ قِلَّةُ البَركةِ في الزَّمانِ .
2- أنَّ الْمُرادَ ما يَكونُ في زَمانِ الْمَهدي وعيسى عليه السَّلامُ مِنَ استِلذاذِ النَّاسِ للعَيشِ وتَوَفُّرِ الأمنِ وغَلَبةِ العَدْلِ؛ وذلك أنَّ النَّاسَ يَستَقصِرونَ أيَّامَ الرَّخاءِ وإن طالَت، وتَطُولُ عليهم مُدَّةُ الشِّدَّةِ وإن قَصُرَت .
3- أنَّ الْمُرادَ تَقارُبُ أهلِ الزَّمانِ بسَبَبِ تَوَفُّرِ وسائِلِ الِاتِّصالاتِ والمَراكِبِ الأرَضِيَّةِ والجَوِّيَّةِ السَّريعةِ الَّتي قَرَّبَتِ البَعيدَ .
4- أنَّ الْمُرادَ قِصرُ الزَّمانِ، وسُرعَتُه سُرعةٌ حَقيقيَّةٌ، وذلك في آخِرِ الزَّمانِ. ويُؤَيِّدُ ذلك ما جاءَ أنَّ أيَّامَ الدَّجَّالِ تَطُولُ حَتَّى يَكونَ اليَومُ كالسَّنةِ وكالشَّهرِ وكالجُمُعةِ في الطُّولِ ، فكَما أنَّ الأيَّامَ تَطُولُ فإنَّها تَقْصُرُ .
قال الخَطابيُّ: (قَولُه:
((يَتَقارَبُ الزَّمانُ))
مَعناه: قِصَرُ زَمانِ الأعمارِ، وقِلَّةُ البَركةِ فيها.
وقيلَ: هو دُنوُّ زَمانِ السَّاعةِ.
وقيلَ: هو قِصَرُ مُدَّةِ الأيَّامِ واللَّيالي، على ما رُوِيَ أنَّ الزَّمانَ يَتَقارَبُ حَتَّى تَكونَ السَّنةُ كالشَّهرِ، والشَّهرُ كالجُمُعةِ، والجُمُعةُ كاليَومِ، واليَومُ كالسَّاعةِ، والسَّاعةُ كاحتِراقِ السَّعفةِ) .
وقال ابنُ رَجَبٍ
: (تَقارُبُ الزَّمانِ فُسِّرَ بقِصَرِ الأعمارِ، وفُسِّرَ بقِصَرِ الأيَّامِ في زَمَنِ الدَّجَّالِ، وقَد رُويَ في ذلك أحاديثُ مُتَعَدِّدةٌ، اللهُ أعلَمُ بصِحَّتِها) .
وقال العِراقيُّ: (الْمُرادُ باقتِرابِ الزَّمانِ قُربُه مِنَ السَّاعةِ، قاله القاضي عياضٌ والنَّوَويُّ
، ويُحتَمَلُ أنَّ الْمُرادَ قِصَرُه وعَدَمُ البَركةِ فيه، وأنَّ اليَومَ مَثَلًا يَصيرُ الِانتِفاعُ به بقَدرِ الِانتِفاعِ بالسَّاعةِ الواحِدةِ، ولَعَلَّ هذا أظهَرُ وأوفَقُ للأحاديثِ وأكثَرُ فائِدةً، ويَدُلُّ لَه قَولُه في الحَديثِ الذي أخرجه التِّرمِذيُّ عَن أنسٍ
قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى يَتَقارَبَ الزَّمانُ، فتَكونَ السَّنةُ كالشَّهرِ، والشَّهرُ كالجُمُعةِ، والجُمُعةُ كاليَومِ، ويَكونَ اليَومُ كالسَّاعةِ، وتَكونَ السَّاعةُ كالضَّرمةِ بالنَّارِ ))
وقال ابنُ حَجَرٍ
: (نَقلَ ابنُ بطالٍ عَنِ الخَطابي
في مَعنى تَقارُبِ الزَّمانِ الْمَذكورِ في الحَديثِ الآخَرِ، يَعني الذي أخرَجَه
التِّرمِذيُّ من حَديثِ أنسٍ، وأحمَدُ
من حَديثِ أبي هُرَيرةَ مَرفوعًا:
((لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى يَتَقارَبَ الزَّمانُ، فتَكونَ السَّنةُ كالشَّهرِ، والشَّهرُ كالجُمُعةِ، والجُمُعةُ كاليَومِ، ويَكونَ اليَومُ كالسَّاعةِ، وتَكونَ السَّاعةُ كاحتِراقِ السَّعَفةِ))
. قال الخَطابي
ُّ: هو مِنِ استِلذاذِ العيشِ، يُريدُ -والله أعلَمُ- أنَّه يَقَعُ عِندَ خُروجِ الْمَهديِّ، ووُقوعِ الأَمَنةِ في الأرضِ، وغَلَبةِ العَدْلِ فيها، فيُستَلَذُّ العَيشُ عِندَ ذلك وتُستَقصَرُ مُدَّتُه، وما زالَ النَّاسُ يَستَقصِرونَ مُدَّةَ أيَّامِ الرَّخاءِ وإن طالَت، ويَستَطيلونَ مُدَّةَ الْمَكروهِ وإن قَصُرَت. وتَعَقَّبَه الكرمانيُّ بأنَّه لا يُناسِبُ أخَواتُه من ظُهورِ الفِتَنِ، وكَثرةِ الهَرجِ وغَيرِهما.
وأقولُ: إنَّما احتاجَ الخَطابي
ُّ إلى تَأويلِه بما ذَكرَ؛ لأنَّه لَم يَقَعِ النَّقصُ في زَمانِه، وإلَّا فالذي تَضَمَّنَه الحَديثُ قَد وُجِدَ في زَمانِنا هذا؛ فإنَّا نَجِدُ من سُرعةِ مَرِّ الأيَّامِ ما لَم نَكُن نَجِدُه في العَصرِ الذي قَبلَ عَصرِنا هذا، وإن لَم يَكُن هناكَ عَيشٌ مُستَلَذٌّ، والحَقُّ أنَّ الْمُرادَ نَزعُ البَركةِ من كُلِّ شَيءٍ حَتَّى مِنَ الزَّمانِ، وذلك من عَلاماتِ قُربِ السَّاعةِ!
وقال بَعضُهم: مَعنى تَقارُبِ الزَّمانِ استِواءُ اللَّيلِ والنَّهارِ...
ونَقلَ ابنُ التِّينِ عَنِ الدَّاوديِّ: أنَّ مَعنى حَديثِ البابِ أنَّ ساعاتِ النَّهارِ تَقصُرُ قُربَ قيامِ السَّاعةِ، ويَقرُبُ النَّهارُ مِنَ اللَّيلِ. انتَهى. وتَخصيصُه ذلك بالنَّهارِ لا مَعنَى لَه، بَلِ الْمُرادُ نَزعُ البَركةِ مِنَ الزَّمانِ لَيلِه ونَهارِه، كما تَقَدَّمَ. قال النَّوَويُّ
تَبَعًا لعِياضٍ وغَيرِه: الْمُرادُ بقِصَرِه عَدَمُ البَرَكةِ فيه، وأنَّ اليَومَ مَثَلًا يَصيرُ الِانتِفاعُ به بقَدرِ الِانتِفاعِ بالسَّاعةِ الواحِدةِ، قالوا: وهذا أظهَرُ وأكثَرُ فائِدةً وأوفَقُ لبَقيَّةِ الأحاديثِ.
وقَد قيلَ في تَفسيرِ قَولِه: يَتَقارَبُ الزَّمانُ: قِصَرُ الأعمارِ بالنِّسبةِ إلى كُلِّ طَبَقةٍ، فالطَّبَقةُ الأخيرةُ أقصَرُ أعمارًا مِنَ الطَّبَقةِ الَّتي قَبلَها.
وقيلَ: تَقارُبُ أحوالِهم في الشَّرِّ والفَسادِ والجَهْلِ، وهذا اختيارِ الطَّحاويِّ
... قال ابنُ أبي جَمرةَ: يُحتَمَلُ أن يَكونَ الْمُرادُ بتَقارُبِ الزَّمانِ قِصَرَه، على ما وقَعَ في حَديثِ:
((لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى تَكونَ السَّنةُ كالشَّهرِ))
، وعلى هذا فالقِصَرُ يُحتَمَلُ أن يَكونَ حَسِّيًّا، ويُحتَمَلُ أن يَكونَ مَعنَويًّا، أمَّا الحَسِّيُّ فلَم يَظهَرْ بَعدُ، ولَعَلَّه مِنَ الأمورِ الَّتي تَكونُ قُربَ قيامِ السَّاعةِ، وأمَّا الْمَعنَويُّ فلَه مُدَّةٌ مُنذُ ظَهَر، يَعرِفُ ذلك أهلُ العِلمِ الدِّينيِّ، ومَن لَه فِطْنةٌ من أهلِ السَّبَبِ الدُّنيويِّ؛ فإنَّهم يَجِدونَ أنفُسَهم لا يَقْدِرُ أحَدُهم أن يَبلُغَ مِنَ العَمَلِ قَدْرَ ما كانوا يَعمَلونَه قَبلَ ذلك، ويَشْكُونَ ذلك ولا يَدرونَ العِلَّةَ فيه، ولَعَلَّ ذلك بسَبَبِ ما وقَعَ من ضَعفِ الإيمانِ لظُهورِ الأمورِ الْمُخالِفةِ للشَّرعِ من عِدَّةِ أوجُهٍ، وأشَدُّ ذلك الأقَواتُ؛ ففيها مِنَ الحَرامِ الْمَحضِ ومِنَ الشُّبَه ما لا يَخفَى، حَتَّى إنَّ كثيرًا مِنَ النَّاسِ لا يَتَوَقَّفُ في شَيءٍ، ومَهما قَدرَ على تَحصيلِ شَيءٍ هَجمَ عليه ولا يُبالي، والواقِعُ أنَّ البَرَكةَ في الزَّمانِ وفي الرِّزقِ وفي النَّبتِ إنَّما يَكونُ من طَريقِ قوَّةِ الإيمانِ واتِّباعِ الأمرِ واجتِنابِ النَّهيِ، والشَّاهِدُ لذلك قَولُه تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٌ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. انتَهى مُلَخَّصًا. وقال البَيضاويُّ
: يُحتَمَلُ أن يَكونَ الْمُرادُ بتَقارُبِ الزَّمانِ تَسارُعَ الدُّوَلِ إلى الِانقِضاءِ، والقُرونِ إلى الِانقِراضِ، فيَتَقارَبُ زَمانُهم، وتَتَدانى أيَّامُهم) .
وقال القَسْطَلَّاني
: (في حَديثِ أنسٍ عِندَ التِّرمِذيِّ مَرفوعًا:
((لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى يَتَقارَبَ الزَّمانُ، فتَكونَ السَّنةُ كالشَّهرِ، والشَّهرُ كالجُمُعةِ، والجُمُعةُ كاليَومِ، ويَكونَ اليَومُ كالسَّاعةِ، وتَكونَ السَّاعةُ كاحتِراقِ السَّعفةِ))
، وما تَضَمَّنَه هذا الحَديثُ قَد وُجِدَ في هذا الزَّمانِ؛ فإنَّا نَجِدُ من سُرعةِ الأيَّامِ ما لَم نَكُن نَجِدُه في العَصرِ الذي قَبلَه، والحَقُّ أنَّ الْمُرادَ نَزعُ البَرَكةِ من كُلِّ شَيءٍ حَتَّى مِنَ الزَّمانِ، وهذا من عَلاماتِ قُربِ السَّاعةِ) .
وقال ابنُ بازٍ
: (تَقارُبُ الزَّمانِ الظَّاهِرُ أنَّه حِسِّي، فُسِّرَ بتَشاغُلِ النَّاسِ، وفُسِّر بوُجودِ الْمَراكِبِ السَّريعةِ، وكُلُّه حاصِلٌ حِسِّي ومَعنَوي، والنَّاسُ يَشعُرونَ بهذا إذا جاءَتِ الشُّرورُ طالَتِ الْمُدَّةُ، وإذا جاءَتِ النِّعمةُ قَصُرَتِ الْمُدَّةُ، وفُسِّرَ بذَهابِ البَرَكةِ) .
وقال أيضًا: (الأقرَبُ تَفسيرُ التَّقارُبِ الْمَذكورِ في الحَديثِ بما وقَعَ في هذا العَصرِ من تَقارُبِ ما بينَ الْمُدُنِ والأقاليمِ، وقِصَرِ زَمَنِ الْمَسافةِ بينَها بسَبَبِ اختِراعِ الطَّائِراتِ والسَّيَّاراتِ والإذاعةِ وما إلى ذلك، والله أعلَمُ) .
وقال ابنُ عُثَيمين
: (إنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عليه وعلى آلِه وسَلَّمَ أخبَرَ: أنَّه يَتَقارَبُ الزَّمانُ، بينَما أنتَ في أوَّلِ أسبوعٍ وإذا الجُمُعةُ، وفي أوَّلِ الشَّهرِ وإذا الهِلالُ، وفي أوَّلِ السَّنةِ وإذا الهِلالُ، بسُرعةٍ فائِقةٍ، وهذا مِصداقُ الحَديثِ:
((ويَتَقارَبُ الزَّمانُ))
، ولَيسَ الْمَعنى كما ظَنَّه بَعضُ أهلِ العِلمِ: اتِّساعُ البلدانِ حَتَّى يَقْرُبَ بَعضُها من بَعضٍ، وتَكونُ الْمَسافةُ الَّتي بينَ البَلدَتين يَومين بَعدَ أن كانت أربَعةَ أيَّامٍ، ولَيسَ كذلك أيضًا سُرعةُ الِاتِّصالاتِ أوِ الْمواصَلاتِ، بَل أهَمُّ شَيءٍ أنَّ الله سَبحانَه وتعالى يَجعَلُ الزَّمَنَ بَعضُه قَريبٌ من بَعضٍ، وهذا هو الواقِعَ) .
والأصلُ حَملُ الكَلامِ على حَقيقَتِه ما لَم تَأتِ قَرينةٌ تَصْرِفُه عَن مَعناه الحَقيقيِّ. وعليه قَد يَكونُ الرَّأيُ الأرجَحُ تَقارُبَ الزَّمانِ بصورةٍ حَقيقيَّةٍ، أي: قِصَرَ الوَقتِ حَسِّيًّا. وهذا قَد يَحدُثُ بسَبَبِ تَغَيُّراتٍ كونيَّةٍ تُحدِثُ اضطِرابًا وسُرعةً في ذَهابِ اللَّيلِ .
التعديل الأخير: